د. احمد براك - استاذ القانون الجنائي ورئيس هيئة مكافحة الفساد

يسعدني أن أرحب بكم في موقعي الشخصي، آملاً من الله تعالى أن يكون هذا الموقع مصدراً من مصادر الحصول على المعلومات القانونية من تشريعات فلسطينية وعربية، ورسائل ماجستير ودكتوراه، إضافة للمقالات العلمية في مختلف فروع القانون. وليكون أيضاً وسيلة للتواصل ما بيني وبين الباحثين والقانونيين، والذين أعدهم شركاء حقيقيين في عملية تعزيز الثقافة القانونية.

فن المرافعة في الدعوى الجزائية

مدخل
المتهمه وروب المحاماه

قال المحامي للمتهمة : قبل ان تحضري الى الجلسه في الاستئناف ... البسي روب محاماه ... وغطي راسك بايشارب يخفي ملامحك .
ونظرت اليه المتهمه في دهشه  وقبل ان تسأله قال لها " حتى لا يعرفك الشهود".
وبدأ نظر الاستئناف ..وكانت محكمة اول درجه قد قضت بسجنها لمدة عام بتهمه   تقاض " خلو رجل " من السكان .. وناقش المحامي شاهد الاثبات الاول .. ثم   اخرج من جيبه ثلاثة صور فوتوغرافيه .. وطلب من شاهد الاثبات ان يتعرف على   صورة المتهمه .وامسك الشاهد بالصور .. ثم حدد صوره منها : قائلاً هذه هي   المتهمة .
وضحك المحامي ثم قال بصوت عال : هذه الصور الثلاثه ليست بينها صورة المتهمة .
وابتسم القاضي وهو يحكم ببراءة المتهمه .. التي كانت تقف على مقربه من الشاهد .. مرتديه روب المحاماه و الايشارب .


تمهيد وتقسيم

إن فن المرافعة أمام  المحاكم  الجنائية هو أسلوب وموهبة وخبرة، يمتاز به عضو النيابة والمحامين  ذو الخبرة  والحنكه، وبه يلعب أطراف الدعوى الجنائية أدوارهم لغاية إيصال  طلباتهم أو  الرد على الدفوع المثار من قبل الأطراف الأخرى المتنازعة،  ولذلك فان الأمر  يحتاج في البداية إلى الدراسة والتعلم ومن ثم كسب تلك  الخبرة أمام المحاكم  ولأهمية الموضوع من الناحية العملية والنظرية على حد  سواء، فإننا سوف  نتناول بالبحث هذا الموضوع على النحو التالي :-

المبحث الأول : المباديء القانونية المتعارف عليها في المحاكمات الجزائية.
المبحث الثاني : القواعد الاساسية لعضو النيابة العامة في عملية الترافع أمام المحاكم
المبحث الثالث : القواعد الاساسية لوكلاء الدفاع في عملية الترافع أمام المحاكم .
المبحث الرابع : انواع الطلبات والدفوع في المواد الجنائية .
المبحث الخامس : التوجيهات الأساسية في كتابة المرافعات الجنائي

المبحث الاول
" المبادئ القانونية المتعارف عليها في المحاكمات الجنائية "

تمهيد وتقسيم :
هناك  العديد من المباديء القانونية ، والتي سمت الى مستوى  الدستوري بالنص  عليها في الدستور تحكم عملية المحاكمات الجنائية، ومنها  علانية المحاكمة،  وشفويه المحاكمة، ومبدأ المواجهة الجنائية، ومبدأ الاصل  في المتهم  البراءة، ومبدأ الاقتناع الذاتي للقاضي الجنائي، وصيانة حق  الدفاع، وتدوين  اجراءات المحاكمة واخيراً ان الاصل ان الاجراءات قد روعيت،  وهو ما  سنتناوله بإيجاز في البنود التالية :

اولاً : مبدأ علانية المحاكمة :
يتميز  التحقيق النهائي الذي تجريه المحكمة عن التحقيق الابتدائي  الذي تجريه  النيابة العامة بالعلانية كأصل من أصول المحاكمات الجنائية،  وعلى ذلك نصت  المادة 237 إجراءات جزائية بأنه تجري المحاكمة بصوره علنية ما  لم تقرر  المحكمة إجراءها سريه لاعتبارات المحافظة على النظام العام أو  الأخلاق  ويجوز في جميع الأحوال منع الأحداث أو فئة معينه من الأشخاص من  حضور  المحاكمة، ويقصد بالعلانية تمكين الجمهور بغير تمييز من الدخول إلى  القاعة  التي تجري فيها المحاكمة والاستماع إلى ما يدور فيها من إجراءات   المحاكمة، والغاية التي يتغاياها هذا الأصل الهام من أصول المحاكمات   الجنائية هي تمكين الرأي العام من مراقبة إجراءات المحاكمة بنفسه فيبعث  هذا  على الثقة في المحاكمة وفي عدالتها وجديتها ومن باب أولى تمكين  الخصوم  بأنفسهم من ذلك، فالعلانية ضمانة من ضمانات حقوق الانسان وإحدى  المبادئ  العامة للقانون وهي ما نصت عليه الاتفاقية الأوروبية لحقوق  الانسان المادة  6/1 ،وكذلك المادة ( 10) من الإعلان العالمي لحقوق الانسان  .

ثانياً : شفوية المحاكمة :-
يقصد  بشفوية المرافعة او المحاكمة ان يجرى شفوياً وبصوت مسموع  للكافة كل ما  يتم من اجراءات في الجلسة فيجب ان يتلى في الجلسه وبصوت  مسموع، الاتهامات  التي يحاكم المتهم من اجلها ورده عليها ومرافعة النيابه  العامة والمدعي  المدني والدفاع واسئلة واجابات الشهود عليها، وبذلك يستهدف  مبدأ الشفوية  بسط رقابة محكمة الموضوع على ما تم من إجراءات جنائية أمام  سلطة جمع  الاستدلالات وسلطة التحقيق الابتدائي وبذلك تستطيع المحكمة تقييم  هذه  الإجراءات والفصل فيما يوجه إليها من ملاحظات انظر المادة ( 207)  إجراءات  فلسطيني .
ثالثاً: مبدأ المواجهة في المحاكمة :-
والواقع  أن التزام المحكمة بمبدأ شفوية المحاكمة أو المرافعة إنما  يرجع إلى تحقيق  أصل آخر من أصول المحاكمات الجنائية هو مبدأ المواجهة بين  أطراف الدعوى،  وهذا يعني انه لابد أن يواجه كل طرف من أطراف الدعوى بالأدلة  الموجهة ضد  طلباته حتى يتمكن من تنفيدها، وهو ما نصت عليه المادة 273  إجراءات فقرة  (1) حيث ذكرت في عجزها ( انه لا يجوز لها ( المحكمة)  أن تبني  حكمها على  أي دليل لم يطرح أمامها في الجلسة ..... )
رابعاً : مبدأ الأصل في المتهم البراءة:-
فهو  حق دستوري، ويعتبر هذا الأصل مبدأ أساسي في النظم  الديمقراطية  ومفترض من  مفترضات المحاكمة المنصفة، وقد وصفه مجلس اللوردات  البريطاني بأنه خيط  ذهبي في نسيج ثوب القانون الجنائي، فأنه  يعتبر من حقوق  الإنسان فقد نص  عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948 في المادة  11 /1، كما أكد  هذا المبدأ العهد الدولي للحقوق المدنية  والسياسة الذي  وافقت عليه  الجمعية العامة للأمم عام 1966 ( المادة 14)، ونصت عليه عليه  الاتفاقية  الاوروبية لحماية حقوق الإنسان والمواطن لسنة 1989 المادة (99)  ويعد هذا  الأصل مبدأ أساسيا لضمان الحرية الشخصية للمتهم، ومقتضاه أن كل  متهم  بجريمة مهما بلغت جسامتها يجب معاملته بوصفه شخصاً بريئاً حتى تثبت  إدانته  بحكم قضائي بات، وهو ما أكد عليه القانون الأساسي الفلسطيني في  المادة  (14)،وبعض الدساتيرالعربية مثل :التونسي الفصل رقم 12، والسوري  المادة  (10/1)، والليبي ( المادة 15 ) ولكن هذا الأصل قابل لإثبات العكس  بطبيعة  الحال، وبذلك يعد قرينة بسيطة فهي قاعدة  من قواعد الخصومة  الجنائية،  وكذلك قاعدة من قواعد الإثبات الجنائية ويترتب على هذه القاعدة  عدة نتائج  هامة :-
أولا : عدم الالتزام المتهم بإثبات براءته .
ثانياً : الشك يفسر لمصلحة المتهم .

خامساً : صيانة حق الدفاع باعتباره حقاً مقدساً :-
ويعني  هذا المبدأ انه يجب مراعاة حقوق المتهم والدفاع في كافة  مراحل المحاكمة،  على أساس التساوي والتوازن بين الادعاء العام والدفاع،  ولذلك تم النص على  ان المتهم هو أخر من يتكلم، وضرورة توكيل محام له في  الجنايات المادة 244  إجراءات، وكذلك حظر استجواب المتهم أثناء المحاكمة،  ويجب صيانة حق الدفاع  وألا يترتب على مخالفتنا البطلان لإخلاله بحق الدفاع.

سادساً :الاقتناع الذاتي للقاضي :
هذا  النظام يترك للقاضي الحرية في ان يقدر قيمة القضية، لا يملي  عليه المشرع  أي حجه معينة لأعمالها، وعلى القاضي ان يبحث عن الادلة  اللازمة، ثم يقدرها  في حرية تامة الا انه مع ذلك يجب ان يخضع اقتناع القاضي  دائما للمنطق  والعقل، فلا يجوز ان يعني مبدا الاقتناع الذاتي للقاضي أكثر  من هذا، كما  لا يمكن ان يكون معناه إطلاق حرية القاضي في ان يحل محل أدلة  الاثبات  تصوراته الشخصية وتخميناته مهما كانت وجهاتها .
هذا مع العلم أن  الاثبات يعني أن القاضي حر في تقييم أدلة الاثبات دون قيد  غير مراعاة  واجبه القضائي، وهذا لا يعني انه يقضي بما يشاء لان ذلك سيكون  تحكما منه،  ومن جهه اخرى فان القاضي لتتكون القناعه لديه عملاً بنظام  الاقتناع الذاتي  عليه مراعاة ضوابط معينه اهمها ما يلي :
1- طرح الأدلة في الجلسة :
وهذا يعني ان القاضي ملزم بطرح الدليل ومناقشته في الجلسة شفاهيا وبحضور   الاطراف حتى يدلي كل واحد برايه فيه، ومن ثم لا يجوز للقاضي الفصل في   الدعوى اعتمادا على دليل وصل الى علمه الشخصي من غير ان يطرح للمناقشة في   جلسة المحاكمة .
2- بناء الحكم على اليقين والجزم :
في حالة  الادانه فلابد من بناء الحكم الجنائي على الجزم واليقين لا على  مجرد  الترجيح والتخمين، والا وقع نقض الحكم المشوب بهذا العيب .


3- أن تكون الأدلة صحيحة ومشروعة :
يشترط في  الوسيلة الأدلة التي اقتنع بها القاضي ان تكون صحيحة مشروعة، ومن  ثم  فالوسيلة الأدلة المتحصل عليها بطريق غير مشروعة كالنصب او السرقة، لا   يمكن ان تعتبر وثيقة مشروعة للاثبات ما عدا أدلة البراءة.
4- ان تكون الأدلة مؤيدة الى النتيجة التي وصل اليها الحكم :
بمعنى ان الادلة المعتمد عليها في تاسيس الحكم قانونياً وفقهياً مؤيده  الى  النتيجة التي اعلنها الحكم، وألا تعرض هذا الأخير للنقض، إما لانعدام   التعليل، أو لعدم كفايته .
5- تعزيز الادلة لبعضها (تساند الادلة ) :
ان القاضي هو بصدد اقامة قناعته الذاتية عليه ألا ينسى بأن الأدلة تعزز   بعضها بعضاً، بمعنى ان الأدلة الجنائية تستند بعضها الى بعض خصوصا في حالة   الادانة. بحيث إذا سقط أحدها، تعثر معرفة مبلغ ذلك الأثر في ذلك على باقي   الأدلة.

سابعا:تدوين اجراءات المحاكمه :
يشترك  التحقيق النهائي مع التحقيق الابتدائي في ضرورة تدوين  الاجراءات، فكل  اجراء شفوي يتم امام المحكمة في الجلسة يجب ان يدون كتابياً  في محضر خاص  يسمى محضر الجلسة، يثبت فيه جميع ما ذكر في الجلسة من مرافعات  ومناقشات  وطلبات ودفوع .... الخ  وبذلك نصت المادة 253 اجراءات فلسطين على  أن يدون  كاتب المحكمة جميع وقائع المحاكمة في محضر الجلسة ويوقع عليه مع  هيئة  المحكمة، وبذلك فان حصلت منازعه فيها كان محضر الجلسة هو الحجه في   ذلك،وبالتالي لا يجوز الطعن فيه إلا بالتزوير.

المبحث الثاني
القواعد الاساسية لعضو النيابة العامة في عملية الترافع أمام المحاكم
( مرافعة النيابة )


أولا : مدلوله :هي الخطاب الذي يلقيه طالب الحق أمام القاضي ليقضى له  به .
تعتبر  المرافعة من أهم الوظائف التي يؤديها عضو النيابة العامة .  فمن خلالها  تقوم النيابة بشرح أدلة الاتهام و ظروف الدعوى وتنبيه المحكمة  على مواطن  الشدة أو الرافه التي تكون في القضية .
ثانياً : القواعد الاساسيه التي يجب على أعضاء النيابة العامة مراعاتها :-
1- الإطلاع على الدعوى بعناية .
ولكي تكون مرافعة عضو النيابة على الوجهة الأكمل، يجب أن يقرأ قضيته من   أولها لأخرها، حتى يكون ملماً بقضيته محيطاً بتفاصيلها، مستعداً للمفاجآت   التي قد تثار بالجلسة، ومطمئناً إلى أنه سيجد لكل سؤال جواب، ولكل إحراج  رد  .
2- استقلال النيابة العامة عن القضاء .
     اعضاء النيابه  مستقلون عن المحكمه التي يزاولون اعمالهم لديها، وليس  للمحكمه ان تنتقدهم،  كما انه ليس من حقها ان توجه للنيابه أي توبيخ او نقد  او لوم عند  مرافعتها، فأذا وقع منها شيء من هذا القبيل كان حكمها قابل  للنقض، وحق  الرئاسه غير قائم .
لذلك فلو سمح للمحاكم بحق الرئاسه على اعضاء  النيابه لكان في ذلك كبير ضرر  على العداله نفسها، لان النيابه عند ئذ تخشى  ان تغضب القضاء وتسعى الى  استرضائه فتوافقه على ارائه ولو خالفت القانون.  ويترتب على استقلال النيابه  العامه عن القضاء ما يلي :
1- ليس للمحاكم من حق في الحد من حرية النيابة في بسط ارائها في الدعوى العمومية الافي حدود ما يقضي به النظام وحقوق الدفاع .
2- ليس للقضاء الحق في توجيه اللوم التوبيخ لعضو النيابة مباشره رعاية   للحرمه الواجبة للنيابة العامة حتى لا ينقص من كرامتها أمام الجمهور .
ولكن اذا ترائى للقضاء ان هناك شبهة في طريقة سير النيابة العامة في اداء   وظيفتها فعلى القضاء ان يرفع الامر  بصفة سرية  الى النائب العام.
3- حرية النيابه في ابداء اقوالها .
وبناء  على ما تقدم فأن النتيجه الطبيعية لمبداً استقلال النيابة  عن المحكمة هي  حرية النيابة في ابداء اقوالها بدون مقاطعة من المحكمة لان  في مقاطعتها  ضرب من ضروب الرقابه عليها هو الامر الذي لايليق، وعليه لا  يجوز مقاطعة  النيابة، ولهذا فأن ممثل النيابه المترافع من حقه ان يقول كل  ما يعتقد انه  في مصلحه العدالة، وتقديم كافة المستندات المؤيده لدعواه دون  مقاطعة من  المحكمه ولو كان ذلك بحجة انتهاء الوقت المحدد للجلسة .
4- توضيح فكرة غامضه في مرافعة النيابة .
ومع  ذلك فمن حق القاضي ان يقاطع النيابة والدفاع لتوضيح فكرة  غامضة او  لاستبيان حجة قيلت باختصار لتفهم مغزاها، على ان يكون ذلك بطريقة  توقر دور  النيابه في عملها .
5- اختيار الفاظ تليق بمكانة النيابة .
ممثل  النيابه المترافع  أن طعن على المتهم او شهود النفي بما هو  ثابت في  الاوراق ، فعليه ان ينتقى لذلك اخف الالفاظ وقعاً، وأقلها ايلاما،  وان  يلقى مرافعته في كثير من الحيطه والاتزان، وان يصون اقواله من العبث  حتى  لا يترك للدفاع او غيره فرصه للطعن فيها .
6- الترافع للمحكمة لا لجمهور الحاضرين بالجلسة .
كما  يجب ألا يغيب عن ذهن ممثل النيابه المترافع  أنه يترافع  للقاضي لا  لجمهور، فوظيفته محدده باقناع القاضي بما يراه حقاً لا باقناع  الجمهور،  ولذلك فالمرافعة للقاضي يجب ان تقتصر على ما قد يكون محل شك او  غموض، أو  ما قد يكون محل ضعف من ادله الاثبات لتقويته، أو محل قوة في مركز  الدفاع  لهدمه كل ذلك بما يتفق مع الحق والضمير .
7- عدم تجريح المدافعين .
يجب  على عضو النيابة المترافع الا يتعرض لما يجرح دفاع المتهم  ،حتى ولو اخطأ  الدفاع وهاجم النيابه فعضو النيابه عليه ضبط نفسه، وعدم  الخروج عن طوره  والدخول معه في معركة كلامية، وشقشقة لسانية عقيمة فالسكوت  في أغلب  الأحيان أقوى الردود على الكلام .
8-  مرافعة النيابه يجب ان  تكون عاليه الاسلوب، بينة الحجج وافيه  بالمطلوب من غير اطالة فيما لا يفيد  الاتهام لا سيما اذا وجد عضو النيابه المترافع  نفسه امام هيئة  من الدفاع عرفت ببلاغه التعبير وقوة الحجة فما اشق على  سمعه العدالة من ان  يقف ممثل الاتهام متلعثماً في دفاعه، متعثراً في  اقواله، بينما القضيه  غنية بالادلة وبالبراهين وممثل الاتهام لا يعرف كيف  يبديها .
9- عدم هيبة النيابة عند طلب توقيع أقصى العقوبة .
بعض  رجال النيابه اثناء مرافعتهم يتهيبون طلب توقيع عقوبة الاعدام  والتدليل  على تناسبها مع الجريمة التي ارتكبها المتهم ( كان تكون الجريمة  عمداً او  تكون قتل مصحوب بعدة جنايات اخرى متوافره فيه الظروف المشدده )  وذلك خطأ  من رجال النيابة وضعف .خطأ لان القانون نص عليها وضعف لان عقوبة  الاعدام  متناسبة مع الجرم وما على ممثل الاتهام الا ان يطلبها من القاضي  ويلح في  طلبها متى توافرت شروطها .وسنضرب مثالاً توضيحي لمرافعة من عضو  النيابه في  جناية قتل اعقبها جناية قتل اخرى وسرقة .فبعد ان استهل ممثل  النيابه  المترافع الظروف المشدده وشرح الادله القائمه على المتهم ختم  مرافعته  متحدثاً عن الظروف المخففه متسائلاًَ : فأين اذن هذه الظروف  المخففه ؟   واين مكانها؟ ايجوز البحث عنها في سوابق المتهم ؟ فما اسواها من  سوابق ؟  ام يبحث عنها في الباعث له على ارتكاب الجريمه ؟ لقد قتل ليسرق  ولقد اسال  هذا الدم الغالي البريء الذي لاترده اموال الدنيا جميعها  ليكسب  مبلغاً  تافهاً .
ام تبحثون عنها في وقفته امام القضاء ؟ وها هو يقف لا موضع  للندم في قلبه  ولا اثر للاسف في نفسه، يقذف في وجه القضاء بالاكذوبه تلو  الا كذوبه غير  هياب ولا وجل ..
ان القتل اقطع جريمة يرتكبها الانسان  ضد اخيه الانسان ، وقد ارتكب المتهم  جريمتي قتل لا واحده ويزيد جرم المتهم  ان القتيلين لم يكونا غريبين عنه ،  فقد كان يستقبلانه في دارهما كصديق  يحيطانه بعطفهما ويمدانه بنصائحمها ،  فكان للاعتراف لهما بالجميل ان  قتلهما وسرقهما في النهايه نطقت المحكمه  بالعقوبه المطلوبه وهي عقوبة  الاعدام.
10- النيابه خصم شريف في الدعوى قد تطلب البراءه او التخفيف.
فكما  ان لممثل النيابه ان يتشدد في الواجب وفي طلب توقيع اقصى  العقوبة فليس  هناك ما يمنعه من ان يكون رحيماً يطلب تخفيف العقوبة او الحكم  بايقاف  التنفيذ ... او الاكتفاء بالغرامة .. .بل ان من حقه ان يطلب  البراءة اذا  وضحت له وضوحاً لا محل للتردد فيه ،لكون النيابة خصم شريف في  الدعوى.
خلاصة القول ، ممثل النيابه له قبل الجلسه ان يقرأ القضيه ويخرج منها   بالرأي الذي يرتئيه – ادانة او براءة – ولا يملك انسان في الوجود ان يجبره   على ان يترافع بغير ما يمليه عليه ضميره وذلك لان الحق احق ان يتبع .
  11 -الخروج عن حدود الدعوى .
ويضاف  لما سبق ذكره ان وكيل النيابة ليس ملزماً اثناء مرافعته  امام القاضي ان  يقصر مرافعته في حدود الدعوى الماثله امامه ، وانما له ان  يخرج عنها اذا  كانت الدعوى تتطلب درساً اخلاقية جديراً ان يقال، اذا كان  لذلك ضرورة.
12- عدم الخوض في المسائل السياسيه .
 يجب  على ممثل النيابة ان يبتعد عن الخوض في المسائل السياسية  والمنازعات  الحزبية ، وان ينزه النيابة عن الخوض فيها احتفاظاً للنيابة  بكامل  استقلالها .
13- الاستعانة بالوصف والخيال .
كما  لايعب على ممثل النيابه المترافع ان يستعين بخياله احياناً ،  فيصف الجريمة  كما وقعت ،وكما رأها في اوراق التحقيق ، فأن اسعفه خياله  واستطاع ان يصور  للمحكمه تصويراً صادقاً ، كيف ارتكبت الجريمة ، كان ذلك  افضل لاثبات  التهمة من اطالة الشرح والوصف ...
وصفوة القول :-
1- مرافعة عضو النيابة امام المحكمة ، الغرض منها تنبيه المحكمه لمواطن الشدة او الرافة التي تكون في القضيه .
2- استقلال اعضاء النيابه عن المحكمة عند اجراء مرافعتهم لديها .
3- ليس للمحكمة توجيه اللوم والتوبيخ لعضو النيابة مباشرة وانما عليها ان   ترفع الامر بصفة سرية الى النائب العام عند حدوث تقصير من عضو النيابة .
4- لا يجوز مقاطعة النيابة اثناء ابداء اقوالها او عرض مستنداتها الا لتوضيح فكرة غامضة او حجة قيلت .
5- الترافع يوجه للمحكمه لا للجمهور الحاضر الجلسة .
6- عدم تجريح المدافع عن المتهم والارتفاع بمستوى الاسلوب ، واختيار الالفاظ التي تليق بمكانة النيابة .
7- عدم تهيب النيابة عند طلب توقيع اقصى العقوبة .
8- النيابه خصم شريف في الدعوى وقد تطلب البراءة او التخفيف .
9- يجب على عضو النيابة ان يختار اخف الالفاظ واكثرها لياقة في مواجهة الدفاع الحاضر في

المبحث الثالث
 مبادئ الدفاع أمام المحاكم


أولاً: المقصود بحق الدفاع:
حق  الدفاع ضرورة لازمة لكل نظام يحاكم الجاني عن جريمته، فهو حق  وجد عند  وجود القضاء، ولا يتصور وجود قضاء بغيره. ولذلك وجود مدافع عن  المتهم في  الجنايات أمر واجب والإخلال به يستوجب بطلان إجراءات المحاكمة،  ولذلك يجب  ندب محامي للدفاع عن المتهم ولمحكمة البداية ندب محامي يتولى  الدفاع عن  المتهم إذا تغيب المحامي المعين عن المتهم يوم الجلسة، ولا يعد  ذلك  إخلالاً بحق الدفاع،حيث أن هذا الأجراء يعد ضرورياً ووجوبياً على  المحكمة  في حال عدم توكيل محامياً للدفاع عنه ( م244 إجراءات).
وإذا صدر حكم  على المتهم في غيبته من غير سماع دفاعه ثم حضر أو قبض عليه  يعاد نظر  الدعوى أمام المحكمة ليدلي بدفاعه في التهمة أو التهم المنسوبة  إليه. (  م395 إجراءات ). ويجب عدم مقاطعة الدفاع أثناء مرافعته، والقانون  أوجب في  سبيل حماية المتهم أن يعاونه محاميه أمام المحكمة، فبدون هذه  المعاونة قد  يذهب المتهم ضحية جهله وعدم اقتداره على النضال مع ذلك الخصم  القدير وهم  النيابة. وخلاصة العقد أنه يجب أن يكون للمتهم في الجنايات  محامي يدافع  عنه، ويجب على المحكمة ألا تقاطعه أثناء المرافعة وإبداء دفاعه  إلا إذا  خرج المحامي على غير ما هو مألوف ولائق بالمحاكم، كما أنه من حق  المحكمة  منع المتهم أو محاميه من ذكر أشياء لا دخل لها في موضوع التهمة،  ولذلك يجب  عدم إطالة المرافعة دون مبرر وإذا تبين للمحكمة أن الغرض من  إطالة  المرافعة من قبل المحامي إنما هو تعطيل سير العدالة تحت ستار حرية  الدفاع  جاز لها أن تحثه على التركيز في حديثه على الحقائق الغامضة،  والمقصود  بالإطالة هنا  هو تلك الإطالة التي تخرج عن المألوف.
ثانياً: المقصود بالمرافعة أمام المحاكم:
هي  احتكار مسلم به لأعضاء النيابة العامة والمحامين وتعتبر  المرافعة من أهم  مظاهر عمل المحامي، فهي من أنجح الوسائل التي يتبعها  المحامي لدفع الأذى  عن موكله، أضف إلى ذلك أن المرافعة العلنية – هي بلا  مراء- عمل يساعد بها  في توزيع العدالة بين الناس بالقسط، كما أن مرافعته هي  السبيل الوحيد  ليظهر للملأ تفوقه ... والمنهاج الذي يسير عليه ... والدروب  التي يقوم  بالتركيز عليها ومدى لباقته في الحوار.
ثالثاً: واجبات المحامي:
1- واجبات المحامي المترافع نحو المحكمة
        فواجب المحامي المترافع نحو المحكمة هو أن لا يدخل قاعة  الجلسة إلا  مرتديا ثوب المحاماة ( روب )، لآن إرتداء هذا الثوب فيه إظهار  لشخصه أمام  زملائه والجمهور والحراس والذين قد لا يعرفون شخصه، وأرى أنه  يجب أن يلتزم  أيضاً القاضي بهذا المبدأ وتكون المعاملة بالمثل وكذلك لا  تجوز الأهانة  التي تقع من الدفاع على المحكمة ولا أبالغ إن قلت أن هناك  إعتداءات جمة قد  تقع من المحامين أثناء وإنعقاد الجلسة، فأنه يعرض نفسه أن  تحكم عليه  المحكمة بالعقوبة المنصوص عليها قانون العقوبات ، إلا أن إهانة  المحكمة  والنيابة للدفاع مرفوض ويجب الرد عليه بطريقة قانونية
2- واجبات المحامي المترافع تجاه عضو النيابة
المحامي  المترافع من حقه أن يهاجم أدلة النيابة وإستنتاجاتها،  ولكن ليس له أن  يهاجم شخص ممثلها أثناء المرافعة، فإن فعل ذلك كان معتدياً  على المحكمة  أثناء إنعقادها، ولو كان ذلك بقصد الاحتجاج على الأهانة التي  وقعت عليه...  والحكمة من ذلك هي حفظ النظام بالجلسات القضائية، حيث أنه ليس  من النظام  في شيء تبادل الأهانة أو الأسترسال فيها مع عضو النيابة، فإن  كان هناك  إحتجاج من المحامي المترافع على إهانة وقعت عليه، فيجب أن يكون  هذا  الإحتجاج صادرة بطريقة موزونة لا مهينة ولا خارجة على حدود اللياقة   الأديبة ويحقق للدفاع اللجوء إلى التفتيش القضائي للنيابة العامة ضد عضو   النيابة المخطىء.
3- واجب المحامي المترافع نحو زملائه في الجلسة:
على  المحامي المترافع أن يلاحظ أن محامي خصمه، إنما هو زميل له،  فليس من حقه  أن يقاطعه أثناء المرافعة، ولا يستفزه بقول جارح أو كلمة  قاسية، فاللغة  العربية غنية بالأساليب ومليئة بالعبارات التي تمكن المحامي  من أن يقول كل  ما يريد أن يقوله من غير أن يجرح محامي خصمه أو يعتدي على  كرامته.
4- واجب المحامي المترافع نحو خصمه:
لا  يقل واجب المحامي المترافع نحو خصمه أهمية عن واجبه نحو زملائه  ونحو بقية  الناس، فعلى المحامي المترافع أن يتحلى بالحكمة حتى يكسب إحترام  الموكلين  والخصوم وتقدير الزملاء والقضاء، ومن هذه الصفات أن يكون متوازن،  لا يسب  ولا يكذب ولا يفتري، وأن يعرف لنفسه كرامتها وأن يكون مسلكه  مهذباً.
وما أجمل أن نكتب حكمة قالها الفقية " مونتسيكو" مخاطباً بها جموع  المحامين  ( أيها المحامين : إن فيكم غيرة على حقوق موكليكم ... ولكن  غيرتكم يجب ألا  تنهيكم ما يجب عليكم نحو خصومكم ... فلا شيء يؤلمنا أو  يكدر صفونا أكثر من  تجاوز بعض ألسنة المحامين حد الكمال في المقال ...   فالذي يحزننا  ويبكينا... أن خصم يتأذى شرفه وتهان كرامته، وتنتهك حرمته،  بقوارض المطاعن  والكلام.)
وهناك مثال أخر لأحد الموكلين يدافع عن نفسه  بسبب تجريح محامي الخصم له حيث  وقف أحد الخصوم أمام المحكمة موجها كلامه  للقضاء على تجريح المحامي الخصم  له فماذا قال: ( أيها القضاة إننا أتينا  للمثول بين أيديكم، فكان خطنا أن  رمينا بالنقائص وألبسنا جلابيب المخازي،  ولقد أنكشفت لكم جراحنا فلم  تضمدوها وجلستم لتنصفونا من إساءات أصابتنا  بعيداً عنكم، فسمعنا من  الأساءات أمامكم ما هو أعظم وأشد وقعاً ... تقولون  أنكم وليتم القضاء  لتحفظوا أرواحنا وأموالنا  ...... نعم ..... إن شرفنا  أعز عندنا من كل شرف  ومن كل مال..... فإن لم تستطيعوا أن تردوا عنا جماح  خطيب أخذته حدته فدلونا  على مجلس قضاء أعدل منكم ..... ثم أستطرد الموكل  حديثه موجهاً خطابه  للمحامين .... أيها المحامون، ليس لنا طاقة على إحتمال  مثل هذا العتب  والتعنيف ولا نريد أن يقال إنكم كنتم ترك الواجب عليكم  أسرع منا في  إستنهاضكم إلى أدائه.)
5- واجب المحامي المترافع نحو الشهود:
وإذا كان لا يليق بالمحامي أن يجرح خصم موكله، فأنه من باب اولى يجب عليه أن لا يتعرض للشهود إلا بالحيطة والحذر.
فمن المسلم به، أن المحامي المترافع قد يتجاوز الحد أحياناً عند أدائه   لواجبه فللأسف عندما يقوم المحامي بتفنيد الشهادة وبيان سقوطها، فإنه يرجع   على الشاهد بما يحط من قدره ويسقط إعتباره، وينسى المحامي المترافع أو   يتناسى أنه قد يلحق ضرر برجل من الأخيار جاء لأداء شهادته.
وبناء على  ما تقدم يجب على المحامي المترافع الحاضر عن الخصم، أن يمتنع عن  سب الخصوم  أو الشهود وذكر الأمور الشخصية التي تسيئهم، وإتهامهم بما يخدش  شرفهم أو  سمعتهم .... ما لم تسلزم حالة الدعوى هذا الإتهام بشرط أن يكون  المحامي  المترافع وحده مسئول عن هذا التجريح.
رابعاً: طريقة إعداد المرافعة:
المحامي  مطالب بأن يعد مرافعته ويستعد لها، ويلم بأطراف قضيته  وعليه أن يعرف  مواطن القوة في قضيته وكيف يظهر على أتم صورة، ويلتمس نقاط  الضعف في قضية  خصمه فيعد هجومه عليه منها ويسد منافذ القول.
أما المحامي الذي يتقدم  للمرافعة من غير سابق إستعداد، إرتكانا على ما يظنه  في نفسه من قدرة على  الخطابة وعلم بأساليب الكلام.... مثل هذا المحامي إن  كان يستطيع أن يقول  كلماً مرتباً يسر الجمهور ويسر موكله المسكين لجهله،  فأنه لن يستطيع أن  يغش خصمه ( نيابة أو دفاعاً)، ولن ينجح في زحزحة رأي  القاضي قيد أنملة  لناحيته.
ولذلك وجب المحامي المترافع في القضية أن يلم بموضوع تمام  الإلمام وتكون  بقراءة القضية والألمام بكل دقائقها، وإستكمال دوسية القضية  بالمستندات  والبيانات التي يرى المحامي ضرورة ضمها للقضية، وبعد ذلك يبدأ  المحامي  بإعداد خطة دفاعه.
طريقة الأدلاء بالمرافعة والتعبير عنها:
الغرض من المرافعة هو إقناع القاضي بمواطن الحق حتى يقضي بها القاضي، وإهدار موطن الباطل فيما يدعيه الخصم.
1- البلاغة المعتدلة:  المرافعة تتطلب بلاغة معتدلة لا  تكليف فيها وتتطلب أيضاً إعتدال في  الألفاظ وتقليل في الأشارات ....  والإبتعاد عن كل ما هو تمثيل فكلما  إستخدم المحامي الألفاظ السهلة  والبسيطة، كلما كان ذلك كان تأثير في إقناع  المحكمة وإكتساب وجهة نظرها.
2- إيجاز المرافعة: يجب  على المحامي المترافع أن يوجز في  مرافعته بحيث تكون جامعة مانعة وفي ذلك  الخير الكثير لقضيته ، لأن إيجاز  المرافعة فيها إقناع للقاضي بما ورد من  حجة قوية. أما المحامي الذي يطيل  مرافعته، فأن الأطالة في ذاتها مضرة  بالمرافعة حيث وهو في سبيل الأطالة  يكدس الحجج الواحدة تلو الأخرى القيمة  وغير القيمة، القوية والضعيفة،  ويتقدم بسرد هذه الحجج للقاضي إحداها قوية  والباقون ضعاف، فتمر الحجة  القوية على ذهن القاضي من غير أن تعلق به وتسقط  في فيض الحجج التافهة.
3- بساطة التعبير: يجب على  المحامي المترافع أن يترافع  ببساطة مدهشة، وبلغه تكاد لا تفترق عن لغة  التخاطب العادية، واضحة جلية  مرتبة، ولكن يستطيع بنبرات صوته، وجمال  معانيها وبلاغة تعبيره، وقوة حججه  أن يسيطر على مسامعه بالجلسة من جمهور  وزملاء وقضاة.
خامساً : شروط المرافعة:
1- وحدة الموضوع.
2- ترتيب الكلام وترتيب الأفكار بحيث يبدأ أولاً بالفكرة البسيطة ثم  يتدرج  حتى يصل إلى قمة ما يريده، وفي القمة يبدأ إنفعاله ويظهر صوته  وتقوى  عبارته.
3- المحامي المترافع عليه عند عرض الموضوع أن يستند على  أدلة تؤيده أو ادلة  تدفع ما يعارضه، كما يجوز له أن يرد على تلك الدفوع  التي يمكن أن تعارضه  وأن يكون في ذلك فاحصاً ومتبسطاً في إستخدام  العبارات.
سادساً: واجبات المحامي المترافع:
1- على  المحامي المترافع أن يبحث أولاً وقبل كل شيء عن الحقيقية  والفكرة  الأساسية التي تستند عليها مرافعته، وأن يبتعد بقدر الإمكان عن  الكلمات  الطنانة والرنانة التي تمل منها المحكمة.
2- أن يقوم المحامي بإعداد  مرافعته، فيبدأ بدراسة أوراق الدعوى وتحضيرها  بمراجعة ما يلزم من النصوص  القانونية، ويكون كل ذلك قبل يوم المرافعة حتى  إذا حان وقت المرافعة عرض  الجوانب القانوانية بكل سهولة ويسر.
3- يجب على المحامي المترافع أن يحترم هيبة القضاء فلا يطرق على المنصة بيده، وذلك لأن هيبة إجلال المنصة من هيبة وإجلال المحاماة.
4- على المحامي المترافع أن لايقدم على المرافعة إلا إذا كان مستعد ....   بالحجة الدامغة .... مستعد بالأسانيد اللازمة للموضوع الذي ينوي المرافعة   فيه.
5- لو خرج المحامي المترافع عن طور الوقار الذي يتحلى به كل محامي لأدى ذلك إلى أن يفقد موكله وقضيته ونفسه.
سابعاً: القواعد الأساسية التي يجب على وكلاء الدفاع مراعاتها:
1- الاعتدال في المرافعة:  يجب أن يكون المحامي المترافع معتدلاً  في مرافعته بحيث لا يرمي زميله  بشيء يجرحه، صحيح أن المرافعة جذب ودفع ولكن  ذلك لا يجعل المحامي المترافع  يفلت زمام أعصابه ... فالالتزام بحدود  الاعتدال أثناء المرافعة يجعل مطلع  مرافعته يمتاز بعنصر الجذب ولفت  الأنتباه ... وخاتمة مرافعته شيقة حسنة.
2- حيوية المرافعة:  من الغريب أن يعتقد البعض أن المقصود  بحيوية المرافعة هو رفع الصوت  والأكثار من حركات الجسم واليدين... والضرب  على منصة القضاء غير مقبول ...  أو بالبكاء المفتعل .... فكل ذلك يعتبر  عيوباً وخطأ ويجب على الدفاع  المترافع أن يتحاشاها فحيوية المرافعة ....  إنما تكون في الصوت الذي يرتفع  عند الأقتضاء فيجلجل قاعة الجلسة... وينخفض  عند الحاجة فينقلب همساً بين المحامي والقاضي لا يكاد  يسمعها غيرهما  فالارتفاع بالصوت ثم الهمس بالوسائل هي من الوسائل الحيوية  للمرافعة لأنه  يدخل فيها عنصر التشويق، وحيوية المرافعة أيضاً تكون بطريقة  سرد الوقائع  وشرح التدليل عليها، وفي ترتيب الأدلة وتنسيقها، وفي قول ما  يجب أن يقال،  وفي إغفال ما لا فائدة من ذكره، فالحشو الزائد في المرافعة  غير مطلوب.
3- قوة التحليل: تعد قوة التدليل الوظيفة  الأولى للمحامي،  إن لم تكن الوحيدة، لذلك يجب على المحامي المترافع  الإبتعاد عن كل ما لا  علاقة له بموضوع القضية والإقتصاد على ذكر الأدلة  التي تؤيد وجهة النظر  التي يدافع عنها المحامي، وسردها بطريقة تظهر قوتها. 
أسلوب المرافعة:
1- طريقة الإرتجال: الارتجال  الذي نقصده هو ارتجال اللغة والصيغة  والألفاظ التي سيعبر بها المترافع من  الحجج والأفكار التي أعدها ورتبها  وتذوقها في سكون مكتبه وهدوئه. ويمكن أن  يعود نفسه على مثل هذا الأرتجال  ويروض لسانه على إتباعه، ويجب على  المحامي المترافع أن لا يمسك بورقة بين  أصابعه، ولا ينظر بعينيه إلى سطور  مخطوطه، ولا يقيد تفكيره بالذاكرة التي  قد تخونه، بل عليه أن يكون حراً  طليقاً ويكون كمن يصارع الأمواج في حلقة  السباق للوصول بالموكل إلى بر  الأمان.
2- سعة الأطلاع: على المحامي المترافع أن  يكون ملم بشتى  العلوم المختلفة، لأنه لن تكون بضاعته غنية إلا بكثرة  القراءات وسعة  الأطلاع، ولا يكفي في المحامي المترافع أن يكون ملماً بلغته  متقناً  لاسالبيها وتعابيرها، بل هو في حاجة لمعرفة لغة أو لغتين من  اللغات  الأجنبية الأخرى لأن تلك اللغات في وقتنا الحاضرهي الوسيلة الوحيدة  لتوسيع  محيط إطلاعه، كما أنه يقتبس منها ويدخل إلى لغته تعابيراً جديده  تدخل على  أسلوبه رونقاً وقوة. ولا يكفي من المحامي المترافع أن تقتصر  معرفته على  نصوص القوانين وقضاء المحاكم وأقوال الشراح، وإلا كانت مرافعته  جامدةو مملة  لما إستطاع أن يحسن الدفاع في مختلف الوسائل التي تعرض على  المحاكم  فالمحاكم اليوم تعرض عليها خلافات تتصل بالمال والصناعة والتجارة  والطب  والهندسة والعمارة والموسيقى....الخ، فلكي يقول المترافع كلمته في  شأن كل  هذه الشئون فعليه أن يكون ملماً بها، مطلعاً على الأقل على  أساسياتها.
3- الفراسة واللباقة:هو الذي يعرف متى  يتقدم بطلبه  للقاضي، وفي أية صيغة يضعه حتى لا يقابله طلبه بالرفض، وأمر  كل ذلك موكول  لفراسة المحامي، والفراسة ملكة لا تدرس في الكتب ولا في  المدارس، وإنما  الفراسة هي مجموعة من الأستعداد الفطري والتجارب والمقدرة  على اللعب  بالألفاظ والصوت والأشارات، ومتى صدقت فراسة المحامي المترافع  فأنه يستطيع  أن يرغم المستمع إليه أن ينطق بالحق ولو كان متحيزاً بالباطل،  أما إذا  أخطأت فراسة المترافع فأن محاولاته كلها تذهب سدى.
4- فن الالقاء:  هو ملكه – بل أن شئت قلت هي صناعة تكتسب  بالدرس والمران، وأفضل طريقة  للإلقاء التأني في النطق والتلفظ بكل الكلمات  وبجميع الحروف ، ولهذا  التأني الفائدة الكبيرة ، فهو يعصم المترافع من يضع  لفظاً بدل لفظ .... أو  أن يسبق عبارته بلفظ لم يكن يريدأن يقوله .... كما  أن التأني في الألقاء  يسهل على السامعين تتبع أفكاره ولاقتناع بحججه .
وأخيراً هناك بعض العيوب يقع فيها المترافعين عند إلقائهم للمرافعة وهم لا يشعرون ومن أهمها:
 فمن المترافعين من يدغم الحروف ببعضها البعض، ومنهم من يسرع في النطق حتى يصعب على المستمع أن يتبع ألفاظه أو يتفهم ما يقوله.
وتلك هي عيوب فن الألقاء لا بد الحرص لعدم الوقوع في براثنها، ويرى   /المستشار حامد الشريف أنه لا يشترط أن تكون المرافعة كلها باللغة العربية   الفصحى ... بل يجوز الجمع بين تلك واللغة العامية بل العبرة بالألقاء  الجيد  .... من جهارة الصوت وحسن مخارج الحروف، كما يرى ضرورة الإشارة  باليد.
ونرى بعكس هذا الاتجاه إنه لا بد من الأقلال من إشارة اليد  والاعتماد على  قوة المرافعة وحجتها ... وعدم إرهاق المحكمة والإطالة بحشو  وتزيد لا طائل  منه.
إلا أن المستشار /حامد الشريف يرى : أنه يجب  التشديد على الكلمات المهمة  وتغيير طبقات الصوت ..... ثم التوقف قبل وبعد  الأفكار المهمة .... وتغيير  سرعة الصوت.
ونرى وعموماً فهذا المطلوب قد  يحتاج إلى ممثل مسرحي أو سينمائي وقد يرى بعض  القضاة أن المحامي يمثل ولا  يترافع كما أن المحامين من ذوي الخبرة  والمسنين منهم لا يستطيعون القيام  بهذا الدور، صحياً وبدنياً وإنهم خبرة لا  يستهان بها.
ومع ذلك إذ أمكن  للمحامي أن يقوم بهذا الدور، وسمحت له صحته فهو بلا شك  سيكون متميزاً عن  الأخرين ما دام قد أبدى دفاعه في عبارات واضحة وكان معاني  تلك العبارات  واضحا وكانت معاني تلك العبارات ظاهرة جلية وكان ذو إطلاع  واسع وثقة  بالنفس بما ألم به من أصول اللغة العربية ويضرب الأمثلة ويسوق  الأدلة فهو  في الطريق الصحيح.
وبينما يرى المستشار/ حامد الشريف أن التمثيل الذي أوضحناه  .... ضروري لصناعة مهنة المحاماة.
ومن مبادىء شيوخ المحامين ما يلي:
1- لا تغضب قاضيك ولا تتملقه.
2- أن تثير إنتباه قاضيك من العبارة الأولى.
3- ركز إنتباهك على أن تكون مرافعتك لقاضيك وليس للجمهور.
4- أن تكون بسيطاً فعلاً لا مقلاً ولا متملقاً.
5- التركيز على الجانب السيء من القضية وتفنيده.
6- التمسك بالحجة القوية وأن يكون الدفاع كاملاً.
7- أن يحيط بالقضية وأشخاصها علماً تماماً.
8- أن يكون ثابت وواثق من نفسه عند المفاجأت.

المبحث الرابع
 أنواع الطلبات والدفوع


الدفوع التي قد يتقدم بها الدفاع عن أحد الخصوم قد  تكون موضوعية ، وهذه من  الأصوب أن نطلق عليها أوجه الدفاع وقد تكون  قانونية وهذه هي التي يصح أن  تحمل بالأدق وصف دفع.
وأوجه الدفاع  الموضوعية لا حصر لها وتختلف من دعوى أخرى، وتدور كلها إما  حول عدم ثبوت  الواقعة، وإما عدم صحتها أو عدم صحة إسنادها إلى المتهم وقد  تدور حول عدم  أهميتها اذا أريد بها التأثير في التقدير العقوبة فحسب، أما  الدفوع  القانونية: فهي تلك التي تستند إلى نصوص خاصة في قانون العقوبات أو  في  قانون الإجراءات، وهذه قد يمكن حصرها، ولكنها مع ذلك في حكم أوجه الدفاع   الموضوعية، وتلحق بها ما دامت تقتضي تحقيقاً في موضوع الدعوى، فلا يجوز   إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض.
فمن الدفوع الموضوعية الجوهرية أو  أوجه الدفاع الموضوعية، الدفع بعدم توافر  ركن من أركان الجريمة أياً كان  نوعه، مثل الركن المادي، أو المعنوي، أو  القصد الخاص إذا كان مطلوباً فيها  أو السببية بين الفعل والنتيجة المعاقب  عليها....
والدفع كذلك بعدم  ثبوت أي ركن منها في حق المتهم أو بعدم إسناده إليه أو  بالأقل بقيام شك في  هذا الإسناد بما يستوجب الحكم ببراءة المتهم، ومثله  الدفع بعدم ثبوت ظرف  مشدد قانوني من الظروف التي طلبت النيابة العامة  تطبيقهاعلى الواقعة أو  بعدم تحقيقه بحسب وقائع الدعوى. وينبغي التمييز بين  نوعين مختلفين من  الدفوع القانونية:
أولهما: يمثل تلك التي تستند إلى نصوص القانون الموضوعي أي قانون العقوبات.
ثانيهما: يمثل تلك التي تستند إلى نصوص قانون الإجراءات الجنائية.
1) التعريف بالدفوع وأنواعها:
يطلق  إصطلاح الدفع بمعناه العام على جميع وسائل الدفاع التي يجوز  للخصم أن  يستعين بها ليجيب على دعوى خصمه، بقصد تفادى الحكم لخصمه بما  يدعيه.
والوسائل التي يستعين بها الخصم ويطعن بمقتضاه في صحة إجراءات الخصومة   ويطعن بمقتضاه في صحة إجراءات الخصومة، دون أن يتعرض لأصل الحق الذي يزعمه   خصمه فيتفادى بها مؤقتاً الحكم عليه بمطلوب خصمه، كأن يجيب بأن الدعوى قد   رفعت إلى محكمة غير مختصة، أو رفعت بإجراء باطل، ووسائل الدفاع هذه تعرف   بالدفوع الشكلية وأشار إليها قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية   بعبارة ( الدفوع الجائز إبدائها قبل التعرض لموضوع الدعوى )
أما وسائل  الدفاع المتعلقة بأصل الحق، أي توجه إلى ذات الحق المدعى به، كان ينكر  وجوده أو يزعم إنقضاءه، فهي تعرف بالدفوع الموضوعية.
وأما وسائل التي  ينكر بها الخصم سلطة خصمه في إستعمال الدعوى، كأن يزعم  مثلاً إنقضاء صفة  الخصم في إستعمال الدعوى كان يزعم مثلاً إنقضاء صفة الخصم  أو سبق صدور حكم  في الموضوع  فهي تعرف بالدفوع بعدم القبول.
فللمدعي عليه أن يجيب على  ما يدعيه خصمه بدافع لا يتصور أن يوجه إلا  للخصومة فيكون شكلياً، أو لأصل  الحق الذي يديعه خصمه فيكون موضوعياً، أو  للدعوى فيكون دفعاً بعدم القبول.


2) أهمية التفرقة بين الدفوع الشكلية والموضوعية:
تشترك الدفوع الشكلية في صفات خاصة تتميز بها عن الدفوع الموضوعية، وفيما يلي ما تتميز به:
أولاً: أنها تبدي قبل التكلم في موضوع الدعوى، أي في بدء النزاع وإلا سقط   الحق في الأدلاء بها على اعتبار أن صاحب الحق فيها قد تنازل عنها، وهذه   القاعدة تتماشى مع المنطق السليم إذ أن من الطبيعي ألا يسمح للمدعى عليه   بالتراخي في إبداء هذه الدفوع التي لا تمس اصل الحق بعد التكلم في  الموضوع،  وذلك منعاًُ من تأخير الفصل في الدعوى هذا بالنسبة للدفوع التي  لا تتعلق  بالنظام العام، أما الدفوع المتعلقة بالنظام العام فيجوز إبداؤها  في أية  حالة تكون عليها الدعوى، كالدفع بعدم الاختصاص المتعلق بالوظيفة  أو بنوع  القضية.
ثانياً: يجب إبداء جميع الدفوع الشكلية معاً  وبأسبابها قبل التكلم في  الموضوع، وإلا سقط الحق فيما لم يبد منها، ما لم  يتصل بالنظام العام، وعلى  ذللك يعتبر تنازلاً عن الدفع الشكلي مجرد تقديم  دفع أخر عليه، أما الدفوع  الموضوعية فلا يعتبر تنازلاً عن الدفع الموضوعي  مجرد تقديم دفع أخر عليه.
ثالثاً: إن المحكمة كقاعدة عامة تقتضي في  الدفع الشكلي قبل البحث في  الموضوع، لأن الفصل في الدفع الشكلي قد يغنيها  عن التعرض للموضوع، إذ يترتب  على قبوله إنقضاء الخصومة أمامها، ومع ذلك  يجوز للمحكمة أن تضم الدفع إلى  الموضوع إذا رأت أن الفصل في الدفع يستلزم  ببحث الموضوع وفي هذه الحالة  تصدر فيها حكماً واحداً بشرط أن تبين في  حكمها ما قضت به في كل منهما  وللمحكمة على الرغم من قرار الضم، أن تحكم  بعدئذ في الدفع الشكلي وحده  بقبوله، وعندئذ قد يغنيها هذا الحكم عن نظر  الموضوع وعند تعدد الدفوع  الشكلية، يجب على المحكمة أن تقضي أولاً في  الدفع بعدم الاختصاص – أيا كان  نوعه – ثم تتدرج بعدئذ لباقي الدفوع والدفع  بعدم القبول إذا كانت قد قضت  باختصاصها بنظر الدعوى، ولأن المحكمة لا  ولاية لها في القضاء بباقي الدفوع  الشكلية ما لم تكن مختصة بنظر النزاع.
رابعاً: أن الحكم الصادر بقبول الدفع الشكلي لا يمس أصل الحق، وبالتالي  لا  يترتب عليه إنهاء النزاع وإنما يترتب عليه إنقضاء الخصومة أمام  المحكمة،  كما هو الحال بالنسبة للحكم الصادر بقبول الدفع بعدم الاختصاص،  أو ببطلان  ورقة تكليف الحضور، ويجوز تجديد الخصومة بمراعاة الأجراءات  الصحيحة إذا لم  يكن الحق قد سقط لسبب من الأسباب.
أما الحكم الصادر  بقبول الدفع الموضوعي فيترتب علية إنهاء النزاع على أصل  الحق  المدعى به،  وهذا الحكم يحوز حجية الشيء المحكوم به فلا يجوز تجديد  النزاع أما المحكمة  التي أصدرت الحكم او أية محكمة أخرى.
3) الدفوع الموضوعية:
 الدفع  الموضوعي يوجه لذات الحق المدعى به، كأن ينكر وجوده أو  يزعم سقوطه أو  إنقضائه كالدفع ببطلان سند الدين أو بتزويره والدفع بانقضاء  الدين  بالوفاء.
فالدفوع الموضوعية تشمل كل دفع يترتب على قبوله رفض طلب  المدعي ولهذا لا  يتصور حصرها، فالدفوع الموضوعية يجوز إبدائها في أية حالة  تكون عليها  الدعوى، وليس هناك ترتيب خاص فيما بينها، ولا يعتبر تنازل عن  الدفع  الموضوعي تقديم دفع أخر عليه وبهذا تختلف عن الدفوع الشكلية.


4) الدفع بعدم القبول:
الدفع  بعدم القبول لا يوجه لإجراءات الخصومة ولا يوجه لذات الحق  المدعى به، بل  يرمي إلى إنكار سلطة المدعي في إستعمال الدعوى فهو يوجه إلى  الوسيلة التي  يحمى بها صاحب الحق حقه، وما إذا كان من الجائز إستعمالها،  أما أن شرط  الاستعمال غير جائز لعدم توافر شرط من الشروط العامة التي يتعين  أن تتوافر  لقبول الدعوى ،أو لعدم توافر شرط خاص من الشروط المتعلقة بذات  الدعوى.

المبحث الخامس :
" التوصيات الاساسيه في كتابة المرافعات الختامية "

على عضو النيابة العامة، أو الدفاع على حد السواء، حين   الاستعداد للمرافعة الخطيه الختامية لا بد من التعرض والقيام بالخطوات   الاساسيه التالية :

1- قراءة ملف القضيه قراءة جيده :-
ويقصد  بقراءة ملف الجنايه ... القراءة المتأنية ... القراءة  الدقيقة  ...  وبعناية وتركيز ... وذلك لعدة مرات لاستخراج المتناقضات  والسقطات  والمخالفات القانونيه التي وقعت فيها الاجراءات التي اتخذت في  القضيه حتى  تقديمها الى المحاكمة .
مثل التناقض بين الدليلين القولي والفني وكذا عدم جدية التحريات ، وانتقاء حالة التلبس ، وبطلان التفتيش...الخ.
فالدفع ببطلان التفتيش مثلاً أنما شرع للمحافظة على حرمة المكان ، ومن ثم   فأن التمسك ببطلان تفتيشه لا يقبل من غير حائزه فأن لم يثره، فليس لغيره  ان  يبديه ولو كان يستفيد منه ، لان هذه الفائدة لا تلحق الا عن طريق  التبعيه  وحدها .
قراءة ملف الجناية ... يجب لان يبدأ بحسب الترتيب  التاريخي والزمني للأحداث  ... حيث ان محضر التحريات هو أول ورقة تحرر في  أوراق القضية ... وبعد ذلك  تتلاحق الأحداث من استصدار أذن النيابة بالضبط و  التفتيش ، وتنفيذ اذن  النيابة بالقبض على المتحري عنهم ،وتفتيشهم، وتفتيش  مساكنهم وسؤالهم عن  التهمة، وأحالتهم للنيابة للتحقيق معهم وهكذا، فإذا  أردت ان تبدأ في قراءة  ملف الجناية او القضية فاقرأ بداية محضر التحريات  ... حتى ولو سبق هذا  المحضر أوراق أخرى ... مثل محضر الضبط او غيره .

2- الإطلاع على المراجع الخاصة بموضوع القضية المعروضة :
من  الخطأ الكبير الاكتفاء بقراءة ملف القضية او الجناية فقط ...  ولكن لا بد  ان يتم الإطلاع على المراجع الخاصة بموضوع القضية المعروضة عليك  .....
فإذا كانت القضية المعروضة هي جناية حيازة أوإحراز مواد مخدرة بقصد  الاتجار  في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .... مثلاً .... فعليك القراءة  في  الموضوعات التي شملها قرار الاتهام المشار اليه وهي :.
القراءه عن الحيازة والإحراز : ما هي الحيازة وهل هناك فرق بينهما وبين الإحراز ..؟
القراءة عن المواد المخدرة : التعرف على المادة المخدرة موضوع القضية   ....فاذا كانت مثلاً مادة الحشيش المخدرة ... علينا ان تقف على تعريف هذه   الماده وخصائصها وعما إذا كانت ماده مخلقه ( مصنعه ) ام نبات ام مادة   طبيعية وكذا شكلها و لونها ...الخ .
القراءة عن قصد الاتجار : معرفة قصد الاتجار ... وشروطه ومظاهره وهل هناك قصود أخرى بخلاف قصد الاتجار ؟
والقراءه اخيراً عن الاحوال التي يجوز فيها للشخص ان يكون حائزاً حيازة   مشروعه للمواد المخدرة ...، او بمعنى اكثر تحديداً معرفة الأحوال التي  يصرح  فيها للشخص بحيازة مواد مخدرة إن وجدت.
وبعد قراءة ملف القضية او  الجناية قراءة جيدة متأنية، وكذا قراءة المراجع  القانونيه الخاصة بالقضية  المعروضة أصبح وكيل النيابة والأستاذ المحامي  مستعداً استعداداً جيداً  لخوض معركة المرافعه والدفاع عن المتهم او  المتهمين، فضلاً على ان هذا  الاستعداد الجيد يزيد ثقته في نفسه أمام  المحكمة... ويصبح واقفاً على ارض  صلبه لأنه أصبح قارئاً وفاهماً وواعياً  ومثقفاً ... وبالتالي فلن يأتيه  الاهتزاز من أمامه او من خلفه ، وهكذا يجب  ان يكون دائماً عضو النيابه  ومحامي الدفاع امام المحاكم الجنائية المختلفة .
أما ما نراه اليوم من  قلة لا تراعي الله في اعمالها نجدهم حينما تسلم اليهم  امانة المرافعه  والدفاع في قضيه امام محكمة الجنائية... لا يسلكوا الطريق  الصحيح  للاستعداد الجيد للمرافعة الدفاع ... وانما نجد البعض من هذه القلة  يتفحص  ملف الجناية لأول مره في قاعة المحكمه قبل انعقاد المحاكمه بدقائق  معدوده  ... نراه يلهث متسرعاً ... يقلب في صفحات الجناية لعله يخرج منها  بشيء في  هذه الدقائق القليله ...  تساعده في الوقوف أمام المحكمة لعدة  دقائق ...  حتى يرضى مسئوله والمتهم القابع وراء القفص الذي ينظر اليه في  قلق ورجاء  ... وأهل المتهم اللذين جاءوا وشاهدوا الأستاذ المحامي الذي  اودعوه أمانه  ابنهم لدفع التهمه عنه ، ولكن للاسف تظل هيئة المحكمه على  يقين ان مثل هذا  الدفاع الواهن ... الضعيف لا يفيد المتهم ويظل على هيئة  المحكمه ان تبحث  بنفسها عن أسباب البراءة للمتهم في الأوراق .
واخيراً لا أجدني قد خرجت  عن الأمر الطبيعي المألوف اذا قلت انه يجب على  عضو النيابة والأستاذ  المحامي الذي يجد في نفسه القدرة والرغبة للعمل في  مجال العلوم الجنائية  او التعامل أمام محاكم الجنايات يجب عليه ان يقرا  كثيراً في الكتب الادبية  والفنية والسياسية والعلمية والدينية ... وغيرها  لان هذه الكتب تصقل  ثقافة عضو النيابة والأستاذ المحامي وتعطيه القدره على  التصور والتخيل وهو  ما يجعله يكتسب أمكانية تصوير كيفية حدوث الواقعة أمام  المحكمة المنظورة  أمامها القضية .
وهنا سنجد أنفسنا أمام عضو نيابة ومحامي أديب ومثقف  ... ويؤكد هذا القول  أننا نجد أن بعض كبار أعضاء النيابة العامة والأساتذة  المحامين المشهود لهم  بالكفأه والشهرة أمام محاكم الجنايات أدباء ..،  فالقراءة كما هي للروح هي  أيضا غذاء للعقل للأستاذ العامل أمام محاكم  الجنايات .
عضو النيابة والمحامي المثقف سواء الثقافة القانونيه او  الثقافة العامة  لديه القدرة على التصوير والتحليل للأحداث والوقائع أمام  ألمحكمه ،وكل ذلك  سيكون له مردوده الحسن على المؤسسة القضائية والمحامين  ومهنة المحاماة .

3- كتابة المرافعة الخطية متضمنة العناصر التاليه :
1- سرد الوقائع مدعومة بالأدلة الثبوتية التي عرضت على المحكمة وتناقشت بها الخصوم .
2- من ثم تطبيق أو تكييف الوقائع المثبتة بالأدلة على العناصر القانونية   للتهم المنسوبة للمتهم من حيث الواقع المادي والمعنوي وعلاقة السببية مع   الظروف المشددة أن وجدت .
3- التركيز على بواطن الشدة في القضية وتوضيح النقاط الغامضة .

4- تستطير المرافعة الختامية بلغه سليمة وببلاغة في  وضع  الوقائع كأن الجميع على مسرح الجريمة مما يقنع القاضي بصدق نسبة  الاتهام  الى المتهم الماثل أمام المحكمة .
5- واخيراً طلب تجريم  المتهم وتوقيع العقوبة المناسبة مع جرمه، وذلك على  عكس الدفاع فيركز على  نفي التهمه عن طريق نسبة الوقائع على المتهم وتفنيد  الادلة والتركيز على  بواطن الضعف وطلب براءة المتهم او بالتناوب تخفيف  العقاب