(دراسة تحليلية تأصيلية)
الاستاذ / احمد براك
باحث دكتوراة في القانون الجنائي
النائب العام المساعد
بسم الله الرحمن الرحيم
التنفيذ العقابي في ضوء السياسة العقابية المعاصرة
(دراسة تحليلية تطبيقية لقانون الإجراءات الجزائي الفلسطيني )
تمهيد:-
مما لا شك فيه ان كافة الدول تصدت للظاهرة الاجرامية المتفشية محاولاً قمعها فكان للسياسة الجنائية التي تضعها الدولة خير وسيلة لذلك ووضعها موضوع التنفيذ حيث تطابقت السياسة التنفيذية والتشريعية والقضائية من اجل هذا الغرض وحينما تعجز عن التصدي للظاهرة الاجرامية فأن هناك فعلاً ازمة للسياسة الجنائية (1) .
وان كانت تعاقبت المدارس العقابية للبحث عن الهدف الاساسي للعقوبة من تغليب تحقيق الردع العام او الردع الخاص او تحقيق العدالة وان كانت في النهاية وطبقاً للسياسة العقابية الحديثة اخذت معظم الدول بأولوية الردع الخاص بمعنى اعادة تأهيل المحكوم عليه واعادة دمجه مع المجتمع واصلاحه(2) وان كان لا يخفى دور الردع العام في بعض الحالات مثل اقرار بعد الدول لعقوبة الاعدام في الجرائم الخطيرة وحينما عجزت العقوبة عن تحقيق اهدافها ظهر ما يسمى بأزمة العقوبة (3).فظهرت التدابير الاحترازية لمعالجة هذه الأزمة لمعالجة الخطورة الاجرامية سواء قبل وقوع الفعل ام بعد وقوعه كما هو واضح في المدونات العقابية للدول المختلفة.
وان كانت السياسة العقابية الحديثة تسعى الى تحقيق الردع الخاص كهدف اساسي وحيث ان الاصل في التنفيذ العقابي هو ان يتم جبراً وليس اختياراً وان الدولة لا تستطيع ان توقع العقاب الا بموجب حكم قضائي من محكمة مختصة والسؤال ما هو اتجاه المشرع الفلسطيني في ضوء الاتجاهات الحديثة في السياسة العقابية وهل اعتبر ان مرحلة التنفيذ هي مرحلة ادارية ام مرحلة قضائية وعليه فأن البحث سوف يتناول النقاط التالية:
المبحث الاول :مفهوم التنفيذ العقابي .
المبحث الثاني : تنفيذ عقوبة الاعدام .
المبحث الثالث : الاكراه البدني .
المبحث الرابع : اشكالات التنفيذ العقابي .
المبحث الخامس :اسباب سقوط العقوبة وزوال اثارها.
المبحث الأول:
مفهوم التنفيذ العقابي
تقسيم :
سوف نتناول مفهوم التنفيذ العقابي بالشرح والتحليل محددين التعريف بالتنفيذ العقابي وانواع التنفيذ واهداف التنفيذ العقابي والطبيعة القانونية لروابط التنفيذ والسند التنفيذي واثر العيوب الاجرائية والسلطة المنوط بها التنفيذ العقابي واحوال ارجاء التنفيذ وذلك على النحو التالي :
1. التعريف بالتنفيذ العقابي:
يقصد بالتنفيذ العقابي اقتضاء حق الدولة في العقاب عن طريق تطبيق الحكم الصادر بالادانة في مواجهة المحكوم عليه (4) .وعليه فإن التنفيذ العقابي يتصف بالقوة الجبرية ويتم بعيداً عن ارادة المحكوم عليه فإن ذلك هو نتيجة منطقية لمبدأ لا عقوبة دون حكم بالإدانة وبعد اتباع الاجراءات المنصوص عليها قانوناً وهو ما نص عليه القانون الاساسي المعدل في المادة 15 والمادة 393 من قانون الاجراءات الجزائية الفلسطيني رقم 3 لسنة 2..1 والتي تقضي بأنه " لا يجوز توقيع العقوبات المقررة بالقانون لأية جريمة الا بمقتضى حكم صادر من محكمة مختصة " .
والحكم الصادر بالادانة لا يخاطب المحكوم عليه وانما يخاطب الاجهزة المنوطة بها اقتضاء حق الدولة في العقاب ومن اجل ذلك فان التنفيذ الاختياري غير جائز في محيط التنفيذ العقابي ومع ذلك فقد اورد المشرع الفلسطيني استثناء على القاعدة السابقة وهو الاعتراف بدور للمحكوم عليه في التنفيذ وهي العقوبات الصادرة بالحبس البسيط لمدة لا تتجاوز الثلاثة اشهر فقد نصت المادة 399 .أ.ج (5) على هذا العمل خارج السجن مادام لم ينص الحكم على خلاف ذلك ولكن يؤخذ على المشرع الفلسطيني انه لم يحدد قواعد هذه الاعمال من حيث جهة العمل وساعاته ...الخ وهو امر يمس بالشرعية الاجرائية ويعطل الفائدة من النص المذكور.
2. انواع التنفيذ( الاحكام الواجبة التنفيذ):-
ينقسم التنفيذ العقابي الى انواع ثلاثة :
اولاً : التنفيذ الاصلي .
ثانياً : التنفيذ المؤقت .
ثالثاً : التنفيذ الاحتياطي .
وحيث ان قانون الاجراءات الفلسطيني رقم 3 لسنة 2..1 قد خلى من التنفيذ المؤقت بل جعل كقاعدة عامة التنفيذ للاحكام النهائية طبقاً للمادة 394 والتي تقضي " لا تنفذ الاحكام الصادرة من المحاكم الجزائية الا اذا اصبحت نهائية ما لم ينص القانون على خلاف ذلك " وحيث ان القانون لم ينص على استثناء وعليه فإنه لا يوجد في القانون تنفيذ مؤقت.
اولاً : التنفيذ الاصلي:
وعليه فانه ينصب على العقوبة الصادر بها حكم بالادانة النهائي والحكم النهائي هو الذي لا يقبل الطعن بالطرق العادية وهي المعارضة والاستئناف.
ثانياً : التنفيذ الاحتياطي
يقصد بالتنفيذ الاحتياطي ذلك الذي ينصب على امر صادر بالتوقيف الاحتياطي فمما لا شك فيه ان الحبس الاحتياطي لا يعتبر عقوبة دائمه بل هو اجراء يقصد به وضع المتهم في ظروف تمنعه من التأثير على الادلة في مرحلة التحقيق او من الهرب عند صدور حكم بالادانة واجب التنفيذ ولكن يلاحظ من ناحية اخرى ان المشرع الفلسطيني يعتد بمدة الحبس الاحتياطي في التنفيذ وتستنزل من مدة العقوبة المحكوم بها اذا كانت سالبة لحرية او تستنزل من قيمة الغرامة اذا كان الحكم صادراً بالغرامة وهو ما نصت عليه المواد 397 و4.. من قانون الاجراءات الجزائية. ومن اجل تلك الاعتبارات الاخيرة يميل الراجح في الفقه (6) الى ادخال تنفيذ الحبس الاحتياطي في نفاذ التنفيذ العقابي بوصفه تنفيذاً احتياطياً للعقوبة التي قد يصدر بها حكم في الدعوى الجنائية ونحن نؤيد ذلك ودليل ورود تنفيذ قواعد خاصة بالتوقيف الاحتياطي في الباب الرابع الخاص بالتنفيذ من قانون الاجراءات وهو ما يوضح موقف المشرع الفلسطيني بجلاء (7) ونظراً لأن التنفيذ العقابي يتحدد بحسب الغرض من الاجراء موضوع التنفيذ فان قواعد معاملة المحبوسين احتياطياً تختلف عن تلك التي يخضع لها المحكوم عليه بالعقوبة كما نصت عليه المادة 25 من قانون رقم 6 لسنة 1998 بشأن مراكز الاصلاح والتأهيل ( السجون) .
3. اهداف التنفيذ العقابي :
ان اهداف التنفيذ العقابي تتحدد على اساس الاهداف والاغراض التي تتوخاها العقوبة . فإذا كانت العقوبة تهدف الى الايلام والزجر فلا بد وان يتضمن التنفيذ العقابي الوسائل والسبل التي تشعر المحكوم عليه بالم العقوبة . وينعكس ذلك على نظام المعاملة العقابية داخل المؤسسة العقابية وايضاً على كيفية تنفيذ العقوبة اما اذا انحصر غرض العقوبة في الاصلاح فيتعين التخفيف من عنصر الايلام والتركيز على التأهيل الاجتماعي للمحكوم عليه .وقد رأينا ان المشرع الفلسطيني قد اخذ بفكرة الزجر والإيلام في العقوبة كقاعدة ، وهذا يظهر في تنوع العقوبات السالبة للحرية تنوع المعاملة العقابية لكل نوع منها ، كما راعى ايضاً هدفها في الاصلاح والتأهيل الاجتماعي للمحكوم عليه بالتخفيف التدريجي من القيود التي يتطلبها سلب الحرية والإشعار بالألم وقسوة العقوبة . ومع ذلك فهناك عقوبات راعى فيها المشرع المصري الزجر والإيلام فقط ، كما هو الشأن في عقوبة الاعدام ، وهناك عقوبات يراعى فيها جانب الاصلاح بصفة رئيسية كما هو الشأن في العقوبات والتدابير التي تطبق على الاحداث طبقاً للقانون رقم 16 لسنة 1954 الاردني.
4. الطبيعة القانونية لروابط التنفيذ :
يترتب على التنفيذ العقابي نشوء رابطة اجرائية بين الدولة وبين المحكوم عليه ومؤدى هذه الرابطة نشوء حقوق والتزامات لكل طرف من اطرافها حيال الاخر وينظم قانون الاجراءات وقانون السجون الحقوق والالتزامات التي يتمتع بها المحكوم عليه ويلتزم بها .
وقد اختلف الفقهاء حول الطبيعة القانونية لرابطة التنفيذ .فذهب البعض الى اعتبارها من روابط قانون العقوبات باعتبار انها تتصل بالحق الموضوعي في العقاب ولذلك فإن اي سبب من الاسباب المتصلة بحق الدولة في العقاب يمكن ان ينهي تلك الرابطة ولو طرأ بعد التنفيذ اي بعد قيامها قانوناً ، كما هو الشأن في العفو العام او العفو عن العقوبة .ولكن يلاحظ ان رابطة التنفيذ لا تقتصر فقط على تنظيم سلطة أو حق الدولة في العقاب وانما تشمل ايضاً مراكز قانونية اخرى ناشئة عن الوضع داخل المؤسسة العقابية والنظم المتبعة فيها والتي لا علاقة لها بالحق العقابي عملاً من اعمال الادارة وليس من الاعمال القضائية على عكس ما يرى البعض الاخر .الا ان طبيعة الروابط الاجرائية التي تنشأ في محيط التنفيذ العقابي تسمح بالتمييز بين ما يعتبر منها داخلاً في نطاق الاعمال القضائية ، كما هو الشأن في نظام ادارة المؤسسات العقابية ذاتها وإخضاع المحكوم عليه لنوع معين من المعاملة العقابية(8) .
5. السند التنفيذي:
ان التنفيذ العقابي يتحدد في جوهره ومضمونه بالسند التنفيذي الذي يبين نوع العقوبة وكمها ، وهذا السند التنفيذي يتمثل في الحكم او القرار المشمول بالقوة التنفيذية . فإذا لم يكن الحكم مشمولاً بتلك القوة فلا يمكن البدء في التنفيذ . وهذه القاعدة هي تطبيق لمبدأ الشرعية الذي ينعكس على اجراءات المحاكمة واجراءات التنفيذ معاً والسند التنفيذي هو الذي عناه المشرع في المادة 393 اجراءات بالنص على انه "لا يجوز توقيع العقوبات المقررة بالقانون لأية جريمة ، الا بمقتضى حكم صادر من محكمة مختصة " فإذا كانت العقوبة لا تتقرر الا بنص،فإن توقيعها لا يتم الا بمقتضى حكم يمثل السند التنفيذي لها . فإذا لم يتوافر هذا السند فتوقيعها يعد جريمةكما في نطاق الجريمة المنصوص عليها في المواد 178 و179 من قانون العقوبات الاردني حيث تنص المادة 178 " كل موظف اوقف او حبس شخصاً في غير الحالات التي ينص عليها القانون يعاقب بالحبس من ثلاثة اشهر الى سنة " والمادة 179 " اذا قبل مدير وحراس السجون أو المعاهد التأديبية أو الاصلاحيات وكل من اضطلع بصلاحيتهم من الموظفين – شخصاً دون مذكرة قضائية أو قرار قضائي أو استبقوه الى ابعد من الاجل المحدد، يعاقبون بالحبس من شهر الى سنة " كما نظم المشرع قواعد للتفتيش على السند التنفيذي والتثبت من مضمونه وحدوده وذلك في المادة 126أ.ج "للنيابة العامة ورؤساء محاكم البداية والاستئناف تفقد مراكز الاصلاح والتأهيل (السجون) وأماكن التوقيف الموجودة في دوائرهم للتأكد من عدم وجود نزيل او موقوف بصفة غير قانونية ، ولهم ان يطلعوا على سجلات المركز وعلى اوامر التوقيف والحبس وأن يأخذوا صوراً منها وأن يتصلوا بأي موقوف أو نزيل ويسمعوا منه أي شكوى يبديها لهم ، وعلى مديري ومأموري المراكز أن يقدموا لهم كل مساعدة للحصول على المعلومات التي يطلبونها " .والمادة 128 أ.ج لكل من علم بوجود موقوف أو نزيل بصفة غير قانونية أو في المكان المخصص لذلك ان يخطر النائب العام أو احد مساعديه بذلك، الذي يأمر بإجراء التحقيق والإفراج عن الموقوف أو المحبوس بصفة غير قانونية، ويحرر محضراً بذلك لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة وهذه الاحكام تضمنتها ايضاً المادتين 6 و11 /4 من قانون السجون والسند التنفيذي لازم ايضاً بالنسبة للتنفيذ الاحتياطي فالمادة 125أ.ج تنص على انه "لا يجوز توقيف او حبس اي انسان الا في مراكز الاصلاح والتأهيل (السجون) وأماكن التوقيف المخصصة لذلك بموجب القانون.ولا يجوز لمأموري الضبط اي مركز قبول اي انسان فيه الا بمقتضى امر موقع من السلطة المختصة ولا يجوز له ان يبقيه بعد المدة المحددة لهذا الأمر.
6. اثر العيوب الإجرائية على السندات التنفيذية :
ان السند التنفيذي بوصفه عملاً قضائياً ،سواء تمثل في حكم أو قرار ، يجب ان يراعى فيه الشروط الشكلية والموضوعية اللازمة لصحته وإنتاج اثاره .فإذا تخلف شرط من تلك الشروط كان السند التنفيذي مشوباً بعيب من العيوب الإجرائية والتي قد يكون جزاؤها هو البطلان أو الانعدام بحسب الاحوال ، والقاعدة العامة هو ان البطلان لا يؤثر على فاعلية السند التنفيذي في انتاج اثره ، سواء أكان باتاً أم مؤقتاً. فالحكم متى صار باتاً وحائزاً لقوة الشيء المقضي فإنه يصحح أي بطلان يكون قد شابه حتى ولو كان بطلاناً مطلقاً .والدليل على ذلك أن المشرع جعل البطلان من اسباب الطعن بالنقض(9)، ونص صراحة في المادة 398 أ.ج على انه لا يترتب على الطعن بطريق النقض ايقاف التنفيذ الا اذا كان الحكم صادراً بالاعدام .
اما اذا شاب الحكم عيباً يرتب الانعدام فإن السند التنفيذي يفقد مقوماته ولا يجوز التنفيذ استناداً اليه ويتحقق الانعدام في الفروض التي لا تنشأ فيها الرابطة الاجرائية بين القاضي والنيابة العامة كأن لم يكون من اصدر الحكم ليست له ولاية القضاء الجنائي، أو ان تكون النيابة العامة لم ترفع هي الدعوى الجنائية وإنما رفعت تلك الاخيرة عن غير طريقها وفي الاحوال التي لا يجيز فيها القانون ذلك . وعلى ذلك لا يندرج تحت الانعدام ايضاً مخالفة قواعد الاختصاص النوعي أو المكاني(1.).كما لا يندرج تحته ايضاً مخالفة القانون بالحكم بعقوبة غير منصوص عليها او بعقوبة تزيد عن الحد الاقصى المقرر قانوناً لها اذ في مثل تلك الاحوال يصحح العيب إما عن طريق القواعد التي رسمها القانون لتصحيح الخطأ المادي في الاحكام وإما عن طريق الاستشكال في التنفيذ الذي يرفع الى المحكمة التي اصدرت الحكم
7. التثبت من شخصية المحكوم عليه وأهليته للتنفيذ :
ان التنفيذ العقابي ينصب على الشخص الصادر في شأنه الحكم بوصفه مرتكباً للجريمة ولكن قد يحدث ان يكون هناك اختلافاً بين الاسم الحقيقي وبين الاسم الصادر به السند التنفيذي ، كأن يكون المتهم قد انتحل اسما مختلفاً عن اسمه الحقيقي كما قد يحدث ان يكون هناك تشابهاً بين الاسماء .والعبرة في هذا كله بتفريد شخصية المحكوم عليه والتثبت من انه هو المقصود بالحكم بوصفه مرتكباً للجريمة .وقد نظم قانون الاجراءات الجنائية حالة النزاع في شخصية المحكوم عليه بوصفه اشكالاً في التنفيذ يفصل فيه بالكيفية والأوضاع المقررة لاشكالات التنفيذ ويكون للمحكمة المختصة بالفصل في الاشكال وايضاً للنيابة العامة قبل تقديم النزاع الى المحكمة ان توقف تنفيذ الحكم مؤقتاً المادة 422 أ ج.ولايكفي للتنفيذ العقابي ان يفرد المحكوم عليه في شخصه وإنما يلزم كذلك ان تكون لديه اهلية التنفيذ وتتمثل تلك الاهلية في توافر الظروف الصحية والعقلية اللازمة لكي تحقق العقوبة أو التدابير الاحترازية الغرض منها .ويجب ان تستمر تلك الاهلية من بدء التنفيذ حتى نهايته ومن اجل ذلك نصت المادة 4.4 أ.ج"اذا اصيب المحكوم عليه بعقوبة سالبة للحرية بجنون، على النيابة العامة ان تأمر بوضعه في احد المحال المعدة للامراض العقلية حتى يبرأ ،وفي هذه الحال تستنزل المدة التي يقضيها في هذا المحل من العقوبة المحكوم بها " .
8. السلطة المنوط بها التنفيذ العقابي:
ثار البحث عن طبيعة مرحلة التنفيذ ، وهل هي مرحلة ادارية أو مرحلة قضائية . وقد ظهرت دعوة علمية حديثة يؤيدها الفقه والمحافل الدولية الى وجوب اشراف القضاء على تنفيذ الاحكام ومن بين ما قيل تبريراً لهذه الدعوة ان تنفيذ الاحكام يتمتع بالطبيعة القضائية لانه لا يتمثل في التنفيذ المادي الحرفي لمنطوق الحكم وانما يخضع لتقدير سلطة التنفيذ في تحديد وسائله ومدته في حدود معينة من اجل تحقيق الغاية التي استهدفها قاضي الحكم . وبناء على ذلك اوصى المؤتمر الدولي العاشر لقانون العقوبات المنعقد في روما في اكتوبر سنة 1969 بأن يزاول القاضي من بين اختصاصاته تنفيذ العقوبة (11) وعليه فإن معظم الدول الاوروبية ادخلت قاضي تنفيذ العقوبة في قوانينها اما في القانون الفلسطيني فان النيابة العامة هي الجهاز المنوط به تنفيذ الاحكام وقد نص قانون الاجراءات على ذلك صراحة في المادة 395 أ ج حيث جاء بها "(تتولى النيابة العامة تنفيذ الاحكام الصادرة في الدعاوى الجزائية وفقاً لما هو مقرر بهذا القانون ولها عند اللزوم الاستعانة بقوات الشرطة مباشرة "ونحن نؤيد الاتجاه الذي ينص الداعي الى وجود قاضي تنفيذ العقوبة للاشراف عليه وبهذا يتحقق الغاية من السياسة العقابية في اصلاح المحكوم عليه(12) .
9. احوال ارجاء التنفيذ:
هناك احوال يؤجل فيها التنفيذ بالرغم من وجود السند التنفيذي المشمول بالقوة التنفيذية وفي هذه الاحوال يكون التأجيل راجعاً الى اسباب لا تتعلق بمضمون السند التنفيذي ذاته وانما لظروف تتعلق بالمحكوم عليه ولذلك فإن تأجيل التنفيذ يختلف عن فروض وقف التنفيذ بالتطبيق للمادة 284 أ.ج والتي فيها لا يتم التنفيذ لظروف تتعلق بقوة السند التنفيذي ذاته وتأجيل التنفيذ قد يكون وجوبياً في فروض وجوازياً في فروض اخرى .
فروض التأجيل الوجوبي :
1-احوال الطعن بالنقض بالنسبة للأحكام الصادرة بالاعدام فلا يجوز تنفيذ حكم الاعدام الا بعد استنفاذ طريق الطعن بالنقض طبقاً للمادة 398 اجراءات.
2-اذا كان المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية مصاباً بجنون فيجب تأجيل التنفيذ حتى يبرأ ويجوز للنيابة العامة أن تأمر بوضعه في احد المحال المعدة للأمراض العقلية وفي هذه تستنزل المدة التي يقضيها في هذا المحل من مدة العقوبة المحكوم بها المادة 4.4 اجراءات .
فروض التأجيل الجوازي :
1-اذا كانت المحكوم عليها بعقوبة مقيدة للحرية حبلى جاز تأجيل التنفيذ عليها حتى تضع حملها وتمضي مدة ثلاثة شهور على الوضع . فإذا رؤى التنفيذ على المحكوم عليها أو ظهر في اثناء التنفيذ انها حبلى وجبت معاملتها في السجن معاملة المحبوسين احتياطياً حتى تمضى مدة شهرين على الوضع ( م 4.2 اجراءات) .
2-اذا كان المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية مصاباً بمرض يهدد بذاته او بسبب التنفيذ حياته بالخطر جاز تأجيل تنفيذ العقوبة عليه) م 4.3 اجراءات).
3-اذا كان محكوماً على الرجل وزوجته بالحبس مدة لا تزيد على سنة ولو عن جرائم مختلفة ولم يكن مسجونين من قبل جاز تأجيل تنفيذ العقوبة على احدهما حتى يفرج عن الاخر وذلك اذا كانا يكفلان صغيراً لم يتجاوز خمس عشرة سنة كاملة وكان لها محل اقامة معروف بفلسطين م 4.5 اجراءات وللمحكمة وللنيابة العامة في الاحوال التي يجوز فيها تأجيل تنفيذ العقوبة على المحكوم عليه ان تطلب منه تقديم كفالة بان لا يفر من التنفيذ عند زوال سبب التأجيل ويقدر مبلغ الكفالة في الامر الصادر بالتأجيل. ولها ايضاً ان تشترط عند تأجيل التنفيذ ما تراه مناسباً من الاحتياطات الكفيلة بمنع المحكوم عليه من الهرب وجدير بالذكر ان حالات تأجيل التنفيذ تختلف عن حالات الامر بوقف تنفيذ الحكم والذي يصدر من المحكمة المختصة او النيابة العامة في اشكالات التنفيذ كما تختلف عن وقف تنفيذ الحكم لتصحيح خطأ قضائي كما هو الشأن في حالة الحكم على حدث بوصفه بالغاً سن الرشد الجنائي بينما هو في حقيقته ليس كذلك إذ في هذه الحالة يوقف تنفيذ الحكم ويرفع النائب العام الامر الى المحكمة التي اصدرت الحكم لاعادة النظر فيه(13) .
1.. احوال وقف التنفيذ وابدال العقوبة
لقد نص القانون الفلسطيني على حالة يتم فيها وقف تنفيذ العقوبة وابدال العقوبة وهو نص قد تم به مراعاة حقوق المحكوم عليها به وهو نص المادة 414 والتي جاء فيها "لا يجوز حكم الاعدام في المرأة الحامل فاذا وضعت مولوداً حياً تقضي المحكمة التي اصدرت الحكم بالنزول من حكم الاعدام الى عقوبة السجن المؤبد وهو ما يتطابق مع نص المادة 17 /2 من قانون العقوبات الاردني لسنة 6. والتي جاء نصها في حالة ثبوت كون المرأة المحكوم عليها حاملاً تبدل حكم الاعدام بالاشغال الشاقة المؤبدة وان كان قد حدث تعارض مع نص المادة 6. من قانون الاصلاح والتأهيل ( السجون ) الفلسطيني رقم 6 لسنة 98 التي جاء نصها يوقف تنفيذ حكم الاعدام بحق النزيلة الحامل المحكوم عليها بالاعدام الى مابعد الولادة وحتى بلوغ الطفل سنتين من العمر " حيث يفهم انه يوقف التنفيذ ولكن ينفذ بعد مرور سنتين من عمر الطفل وهو ما يتعارض مع نص المادة 414 اجراءات جزائية والمادة 17 من قانون العقوبات الاردني وهو خطأ وقع به المشرع الفلسطيني واننا نعتقد ونؤيد ان النص الواجب التطبيق هو نص المادة 414 من قانون الاجراءات حيث ان هذا قانون الاجراءات هو الشريعة العامة للاجراءات الجنائية وحيث انه صدر في العام 2..1 ويعتبر انه قد نسخ نص المادة 6. من قانون الاصلاح والتأهيل (السجون) والذي صدر في العام 1998طبقاً لقاعدة الاحدث ينسخ الاقدم
المبحث الثاني:
تنفيذ عقوبة الاعدام
تمهيد :
تعتبر عقوبة الإعدام من اقدم العقوبات التي عرفتها الانظمة العقابية وكان تنفيذها يراعى فيه تعذيب المحكوم عليه تحقيقاً لفكرة الانتقام والردع التي سيطرت على اهداف العقوبة في عصورها القديمة .
غير ان تطور الفكر العقابي وتغيرالنظر الى اهداف العقوبة ادى الى استبعاد سبل التعذيب في تنفيذ العقوبات ، ورغم ذلك بقيت عقوبة الإعدام في التشريعات العقابية التي جاءت عقب الثورة الفرنسية .
لكن مع ظهور المدرسة الوضعية وما أحدثته من تغيير في الفكر الجنائي حول اغراض العقوبة وانها يجب ان تهدف الى الإصلاح والتهذيب باستئصال اسباب الخطورة الإجرامية لدى الجاني ثار الجدل حول جدوى عقوبة الإعدام ، كما أثار البعض مناقشة حول مشروعيتها ، وظهرت بذلك في الفقه تيارات تنادي بالغاء عقوبة الاعدام في التشريعات الجنائية الحديثة . وقد استند الفقه في ذلك الى:
1-ان الدولة لم تمنح الفرد حق الحياة حتى يخول لها ازهاق روح انسان في شكل الاعدام.
2-جسامة الضرر الناتج عن عقوبة الاعدام والذي لا يتناسب مع جسامة الجريمة المرتكبة .
3-ان الاحكام تصدر عن بشر وهم معرضون للخطأ والذي لا يمكن جبره في حالة تنفيذ عقوبة الاعدام .
4-ان العقوبة تهدف الى اصلاح الجاني وتهذيبه ليعود عضواً صالحاً في الجماعة ، وهذا لا يتحقق بالنسبة لعقوبة الاعدام والتي تستأصل المحكوم عليه من الجماعة كلية.
ولكن هناك اتجاه قوي يبقى على عقوبة الاعدام ويرى ان الحجج السابقة لا تصلح سنداً قوياً لالغاء تلك العقوبة. ذلك انه اذا انكرنا على الدولة حقها في العقوبة بازهاق روح المحكوم عليه فانما ننكر بذلك حقها في العقاب لصالح الجماعة بما في ذلك العقوبات السالبة للحرية . فأساس حق الدولة في العقاب واحد بالنسبة لجميع انواع العقوبات .كذلك فان عقوبة الاعدام تتناسب وجسامتها عادة مع الجرائم التي توقع من اجلها واذا كانت هناك بعض التشريعات تسرف في النص على تلك العقوبة بحيث لا تتناسب وجسامة الجريمة المرتكبة ، فإن هذه ليست مشكلة عقوبة الاعدام وانما تتصل المشكلة بالسياسة الجنائية التي تقود المشرع في تحديد الافعال المعاقب عليها والعقوبات المناسبة لها . اما بالنسبة للاخطاء القضائية وعدم امكان تفادى اضرارها في حالة التنفيذ فان هذه مشكلة تخضع لها معظم العقوبات واكثرها تطبيقاً وهي العقوبات السالبة كما لو ثبتت براءة المحكوم عليه بعد ان يكون قد نفذ فعلاً العقوبة السالبة للحرية هذا فضلا عن ان النفع الاجتماعي الذي يعود على الجماعة من وجود تلك العقوبة يفوق بكثير ما يمكن ان يحدث من احوال نادرة للخطأ وعموماً فإن الضمانات التي تضعها التشريعات لتلافي الاخطاء القضائية كفيلة بان تمنع او تقلل من هذه الاخطاء ومن ناحية اخرى فان هدف العقوبة الاصلاحي انما يراعى في تنفيذها اما في تطبيقها من القاضي فيدخل في الاعتبار عوامل متعددة شخصية وموضوعية ومن بينها درجة جسامة الجريمة وعقوبة الاعدام تحقق نوعاً من الردع العام والذي يحول دون ارتكاب الجريمة من قبل الكثير من الناس واذا كان انصار الرأي المعارض يدللون على رأيهم بأن الغاء عقوبة الاعدام في بعض التشريعات لم يترتب عليه زيادة في الجرائم كما ان بقائها في البعض الاخر لم يقلل من معدل الجريمة فانه يلاحظ ان معدل الجريمة يخضع لعوامل وظروف متعددة مما يستحيل معه ربط المعدل بالغاء او الابقاء على العقوبة فضلاً عن ان الابقاء عليها من شأنه ان يقلل من معدل الجريمة بالضرورة اذا كان الجاني وقت ارتكاب الجريمة يعلم ان الاعدام اكيد الوقوع .
وعموماً فقد اثر الجدل السابق على بعض التشريعات وخاصة تلك التي ظهرت في اواخر القرن التاسع عشر واوائل القرن العشرين فألغت عقوبة الاعدام . ومثال ذلك قانون العقوبات الايطالي لسنة 1889 ، والالماني لسنة 1933، واسبانيا سنة 1933 وان كانت قد الغيت مرة واحدة من بعضها ( مثال ذلك ايطاليا سنة 1947 ) ومع ذلك فالإلغاء السابق قاصر فقط على جرائم القانون العام اما الجرائم العسكرية فما زالت عقوبة الاعدام تحتل مكانتها من بين العقوبات المقررة(14)
اما المشرع الفلسطيني فينص على عقوبة الاعدام باعتبارها عقوبة اصلية مقررة لبعض الجنايات التي تتسم بالجسامة والخطورة ومثال ذلك بعض جنايات أمن الدولة من جهة الخارج وبعض جنايات امن الدولة من جهة الداخل .
القيود التي ترد على الحكم بعقوبة الاعدام في التشريع الفلسطيني:
لقد اورد المشرع الفلسطيني قيد على الحكم بعقوبة الاعدام وهو وجوب صدور الحكم باجماع الآراء وقد نصت على هذا القيد المادة 272 اجراءات" بعد اختتام المحاكمة تختلي المحكمة في غرفة المداولة وتدقق فيما طرح امامها من بينات وادعاءات ، وتضع حكمها بالاجماع أو بالأغلبية فيما عدا عقوبة الإعدام فتكون بإجماع الآراء" وهذا القيد يعتبر ضمانة للمحكوم عليه ضد الاخطاء القضائية ويترتب على مخالفة هذا الاجراء بطلان الحكم .
قواعد تنفيذ عقوبة الاعدام :
لقد اثرت الافكار العقابية الحديثة في التشريعات الجنائية بالنسبة لتنفيذها بأقل الوسائل ايلاماً.وقد اختلفت التشريعات في وسائل الإعدام ،فنص البعض على ان يكون التنفيذ رمياً بالرصاص والبعض الاخر ينص على الخنق بالغاز،اما المشرع الفلسطيني فقد نص على ان يكون تنفيذ العقوبة شنقاً للمدنيين ورمياً بالرصاص للعسكريين وقد نص المشرع في المادة 4.8 من قانون الاجراءات وقانون مراكز الاصلاح والتأهيل( السجون) 1998 على القواعد الخاصة بتنفيذ عقوبة الاعدام وتتلخص هذه القواعد في الآتي :
1-متى صار الحكم بالاعدام نهائياً وجب رفع اوراق الدعوى فوراً الى رئيس الدولة بواسطة وزير العدل وهذا الاجراء يعتبر ضمانة للمحكوم عليه بحيث لا يجوز تنفيذ العقوبة الا اذا لم يصدر الامر من رئيس الدولة بالعفو عن العقوبة او ابدالها بغيرها المادة( 4.9 اجراءات ).
2-تنفيذ عقوبة الاعدام داخل السجن المادة 418 اجراءات بمعنى ان التنفيذ لا يتوافر فيه العلانية على عكس التشريعات القديمة.
3-يجب ان يكون تنفيذ عقوبة الاعدام بحضور احد وكلاء النائب العام ومأمور السجن وطبيب السجن او طبيب اخر تنتدبه النيابة العامة ولا يجوز لغير من ذكروا ان يحضروا التنفيذ الا بإذن خاص من النيابة العامة ويجب دائماً ان يؤذن للمدافع عن المحكوم عليه بالحضور. ويجب ان يتلى من الحكم الصادر بالاعدام منطوقه والتهمة المحكوم من اجلها على المحكوم عليه ، وذلك في مكان التنفيذ بمسمع من الحاضرين . واذا رغب المحكوم عليه في ابداء اقوال حرر وكيل النائب العام محضراً بها( المواد 41. و413 اجراءات ) .
وعند تمام التنفيذ يحرر كاتب المحكمة محضراً بذلك يثبت فيه شهادة الطبيب بالوفاة وساعة حصولها (مادة 416 اجراءات) .
4-لا يجوز تنفيذ عقوبة الاعدام في ايام الاعياد الرسمية أو الاعياد الخاصة بديانة المحكوم عليه (417 اجراءات).
5-يوقف تنفيذ عقوبة الاعدام على الحبلى الى ما بعد سنتين من وضعها (مادة 6.من قانون الاصلاح والتأهيل ( السجون ).
6-اذا كانت ديانة المحكوم عليه تفرض عليه الاعتراف او غيره من الفروض الدينية قبل الموت وجب اجراء التسهيلات اللازمة لتمكين احد رجال الدين من مقابلته (مادة 412 اجراءات).
7-يحق للمحكوم عليه بالاعدام مقابلة اقاربه قبل تنفيذ حكم الاعدام ويجب اخطارهم من السجن بذلك (المادة 411 اجراءات) .
المبحث الثالث :
الاكراه البدني
1- التعريف به :
يقصد بالاكراه البدني انه اذا لم يدفع المحكوم عليه المبالغ المالية المحكوم بها فإنه يصار الى الاكراه البدني حبس المحكوم عليه لتحصيل المبالغ الناشئة عن الجريمة والمقضي بها للحكومة ضد مرتكبي الجريمة(15) .
2- موقف المشرع الفلسطيني
بعد استقراء قانون الاجراءات الجزائي الفلسطيني رقم 3 لسنة 2..1 ومشروع قانون العقوبات الفلسطيني المقترح نجد بشكل قاطع بإن المشرع الفلسطيني اخذ بالاتجاه المنادي بعدم الاخذ بالاكراه البدني وذلك بما يحمله من مساوىء من الرجوع الى العقوبة القصيرة المدة بعد ان حكم القاضي بالغرامة ولكن ولعدم اقرار مشروع قانون العقوبات الفلسطيني وحيث انه ما زال مطبقاً قانون العقوبات الاردني لسنة 196. قد نصت المادة 22 منه على الاكراه البدني وهذا يعني انه حتى تاريخه مازال يعمل بالاكراه البدني اي تحويل الغرامة الى الحبس حينما لا يدفع الغرامة المحكوم بها عليه حيث نصت المادة 22/1 بعد تعريفها للغرامة "الغرامة، هي الزام المحكوم عليه بأن يدفع الى خزينة الحكومة المبلغ المقدر في الحكم وهي تتراوح بين خمسة دنانير ومايتي دينار الا اذا نص القانون على خلاف ذلك :
1- اذا لم يؤد المحكوم عليه بالغرامة المبلغ المحكوم به عليه ، يحبس في مقابل كل 5.. فلس او كسورها يوماً واحداً على ان لاتتجاوز مدة الحبس في هذه الحالة سنة واحدة.
2- عندما تصدر المحكمة قراراً بفرض غرامة ينص في القرار المذكور نفسه على وجوب حبس المحكوم عليه المدة التي تقابل الغرامة المفروضة بالنسبة المقررة في الفقرة السابقة عند عدم تأديتها وفي حالة عدم النص تستبدل الغرامة بقرار خاص تصدره النيابة العامة .
3- يحسم من اصل هذه الغرامة بالنسبة التي حددها الحكم كما ورد في الفقرة الاولى من هذه المادة ، كل اداء جزئي قبل الحبس او في اثنائه وكل مبلغ تم تحصيله ".
3-المدة المقررة للاكراه البدني
لقد وضع المشرع حكمه بانه يحبس في مقابل كل خمسمائة فلس او كسورهما يوماً واحداً ولكن بشرط اللا تتجاوز مدة الحبس سنة واحدة ومن الملاحظ في نص المادة 22 على ان النيابة العامة هي التي تقوم باستبدال الغرامة بالحبس حين عدم دفعها حينما لم ينص الحكم الصادر من القاضي المختص على تحويل الغرامة للحبس .
4-خصم مدة الحبس الاحتياطي من مبلغ الغرامة
يتبين بوضوح من نص المادة 22 /3 من قانون العقوبات الاردني بانه كل حبس جزئي تم في مواجهة المحكوم عليه يجب ان تخصم من مبلغ الغرامة وبالطبع يحتسب الحبس الاحتياطي من مدته .
المبحث الرابع:
اشكالات التنفيذ العقابي
تمهيد :
الاصل أنه متى حاز الحكم قوة الامر المقضي نهائياً وجب تنفيذ العقوبة المحكوم بها ، ما لم يجز القانون هذا التنفيذ قبل ذلك .
وفي مرحلة التنفيذ تبدأ خصومة جنائية من نوع جديد يطلق عليها تعبير (خصومة التنفيذ) وموضوع هذه الخصومة هو تنفيذ الجزاء الجنائي لتحقيق أهدافه وفقا للسياسة الجنائية التي اعتنقها المشرع .على ان اشكالات التنفيذ ليست جزءا من خصومة التنفيذ لانها لا تتعلق بتنفيذ مضمون الجزاء الجنائي وفقا لاهدافه المقررة في السياسة الجنائية . وانما تتعلق بمسألة سابقة على ذلك هي القوة التنفيذية للحكم ولذلك قضت محكمة النقض المصرية باعتبار اشكالات التنفيذ من اجراءات المحاكمة مما يستتبع قطعها للتقادم ومع ذلك فان مسألة هامة ظلت بعيدة عن نطاق البحث وهي اشكالات التنفيذ فعندما تباشر سلطة التنفيذ عملها قد يدفع الشخص بعدم سلامة سند التنفيذ او بانقضاء العقوبة او بأنه ليس طرفا في الحكم المطلوب تنفيذه الىغير ذلك من المنازعات وفيما يلي ندرس هذا الموضوع في المطلبين الاتيين :
المطلب الاول: ماهية الاشكال في التنفيذ وشروط قبوله .
المطلب الثاني: اجراءات الاشكال والفصل فيه .
المطلب الاول:
ماهية الاشكال في التنفيذ وشروط قبوله
1-ماهية الاشكال في التنفيذ .
سوف نبحث نقطتين: الطبيعة القضائية لاشكالات التنفيذ ودعوى الاشكال في التنفيذ .
الطبيعة القضائية لاشكالات التنفيذ:
ثار البحث عن طبيعة مرحلة التنفيذ ،وهل هي مرحلة ادارية أو مرحلة قضائية وقد ظهرت دعوة علمية حديثة يؤيدها الفقه والمحافل الدولية الى وجوب اشراف القضاء على تنفيذ الاحكام ومن بين ما قبل تبريراً لهذه الدعوة ان تنفيذ الاحكام يتمتع بالطبيعة القضائية لانه لايتمثل في التنفيذ المادي الحرفي لمنطوق الحكم وانما يخضع لتقدير سلطة التنفيذ في تحديد وسائله ومدته في حدود معينة من اجل تحقيق الغاية التي استهدفها قاضي الحكم .وبناء على ذلك أوصى المؤتمر الدولي العاشر لقانون العقوبات المنعقد في روما في اكتوبر سنة 1969 بأن يزاول القاضي من بين اختصاصاته تنفيذ العقوبة(16).
ولا يمتد هذا الخلاف الى اشكالات التنفيذ لانها تمس القوة التنفيذية للحكم وهي مسألة ترتبط بالحكم ذاته وليست مرحلة لاحقة عليه لذلك فانه لاخلاف في اعتبار الاشكالات من الاجراءات القضائية .وقد اعتبرتها محكمة النقض المصرية جزءا من اجراءات المحاكمة كما بينا من قبل والقانون الفلسطيني رغم عدم اخضاعه اجراءات التنفيذ لرقابة القاضي الا انه جعل اشكالات التنفيذ من اختصاص القضاء وحده.
دعوى الاشكال في التنفيذ:
تتفرع عن الدعوى الجنائية دعاوى اخرى لها ذاتيتها المستقلة وتسمى بالدعاوى الجنائية التكميلية مثل دعوى رد الاعتبار ودعوى الغاء وقف التنفيذ وتعتبر دعوى الاشكالات في التنفيذ من بين الدعاوى(17).
وعلى ضوء هذا التكييف القانوني لدعوى الاشكال في التنفيذ فانها تتميز عن الطعن في الاحكام في الوجوه الآ تية :
1-يعتبر الطعن في الحكم مرحلة من المراحل التي تمر بها الدعوى الجنائية الاصلية بخلاف اشكالات التنفيذ فانها ليست الا دعوى تكميلية .
2-يهدف الطعن في الحكم الى تعديل مضمونه بخلاف الاشكال في التنفيذ فانه لا يجوز ان يهدف الى التغيير في مضمون الحكم سواء من حيث الصحة او البطلان او من حيث تقدير العقوبة والاكان غير مقبول .
كما ان دعوى الاشكال في التنفيذ تتميز عن العقبات المادية التي قد يثيرها المتعرض للتنفيذ بأن الاولى ذات طبيعة قضائية اما العقبات المادي فهي محض عمل من اعمال التعدي توقفه القوة الجبرية (18) بناء على ما للاحكام من قوة تنفيذية .
شروط قبول دعوى الاشكال:
يشترط لقبول دعوى الاشكال توافر ثلاثة شروط الاول: يتعلق بشخص المستشكل. الثاني: يتعلق بالحكم المستشكل في تنفيذه الثالث: يتعلق باسباب النزاع والتنفيذ.
وفيما يلي نبين معنى كل من هذه الشروط :
الشرط الاول :شخص المستشكل:
يشترط في المستشكل شرطان :
1-الصفة 2- المصلحة .
1-الصفة : اجاز كل من القانونين الفرنسي (المادة 711 اجراءات) والايطالي (المادة 628/3اجراءات) للنيابة العامة ولذوي الشان رفع دعوى الاشكال.
اما القانون الفلسطيني ،فقد نص على ان الاشكال يرفع من المحكوم عليه (المادة 42. اجراءات) او غيره سواء عند النزاع في شخصيته (المادة 423اجراءات) او بشأن الاموال المطلوب تنفيذها عليه (المادة 424 اجراءات) وليس للمدعي المدني ان يستأنف الحكم الصادر بوقف تنفيذ الحكم الجنائي بناء على الاستشكال فيه هذا ما لم يشمل الحكم بالايقاف ماقضي به في الدعوى المدنية فعندئذ تتوافر صفته في استئناف ما اصدرته المحكمة من قضاء بايقاف تنفيذ الحكم المدني خطأ.
2-المصلحة : يجب ان يكون للمستشكل مصلحة من وراء استشكاله فاذا كان التنفيذ قد تم وانتهى فلا مصلحة من وراء هذا الاشكال ويستوي في تقدير هذه المصلحة ان تتوافر وقت رفع الاشكال او عند الحكم فيه وتتوافر المصلحة في الاشكال ولو امرت النيابة العامة طبقاً للمادة 422اجراءات بوقف تنفيذ الحكم مؤقتاً لان من مصلحة المستشكل الحصول على حكم من القضاء يلزم النيابة العامة بهذا الايقاف ولايترك لتقديرها ومشيئتها .
-هل يحق للنيابة العامة رفع الاشكال:
يرى البعض تخويل النيابة العامة حق رفع دعوى الاشكال من تلقاء نفسها لتحسم النزاع على التنفيذ(19) وواقع الامر ان النيابة العامة هي السلطة التي تشرف على تنفيذ الاحكام الجنائية (المادة 395 اجراءات) ولا تملك غير القيام بهذا الواجب ، لان السلطة والواجب قرنان متلازمان ولكن القانون المصري اجاز للنيابة العامة عند الاقتضاء وقبل تقديم النزاع الى المحكمة ان توقف تنفيذ الحكم مؤقتا (المادة 422 اجراءات) ويكشف هذا النص الاخير عن علة عدم تخويل النيابة العامة حق الاشكال في التنفيذ فطالما اجاز لها القانون ان تأمر بوقف التنفيذ مؤقتا لم يعد هناك ما يبرر التجاءها الى القضاء لتحقيق هذا الغرض.
الشرط الثاني: الحكم المستشكل في تنفيذه:
الاصل ان الاحكام لا تنفذ الا متى صارت نهائية ما لم يكن القانون نص على خلاف ذلك.
أ)الاصل انه اذا كان الاشكال مرفوعا من المحكوم عليه فيشترط في الحكم المستشكل في تنفيذه ان يكون مطعونا فيه وذلك باعتبار ان الحكم المراد الحصول عليه من الاشكال هو وقف التنفيذ وهو حكم وقتي بطبيعته يتوقف على ما يصير عليه حال الحكم بعد الطعن فيه فاذا لم يقرر احد بالطعن في هذا الحكم واصبح سندا نهائيا للتنفيذ لم يجز الاشكال فيه وكذلك الشأن اذا كان باب الطعن في الحكم قد اغلق بالحكم بعد قبوله شكلا .
على انه لا يشترط ان يكون الحكم المستشكل في تنفيذه مطعونا فيه اذا كان منعدما لانه لا يصلح لان يكون سندا للتنفيذ ولا يحتاج الى حكم يقرر انعدام وايضا اذا كان التنفيذ على عكس منطوق الحكم كما اذا نفذت العقوبة رغم الحكم يوقف تنفيذها او استمر التنفيذ رغم صدور قرار رئاسي بالعفو عن العقوبة او صدور قانون بالعفو عن الجريمة .ويترتب على نقض الحكم المستشكل في تنفيذه واعادة المحاكمة الغاء هذا الحكم واعتباره معدوم الاثر لا وجود له وفي هذه الحالة يكون الاشكال واردا على غير محل .
ب)اما اذا كان الاشكال مرفوعا من غير المحكوم عليه (سواء بسبب النزاع في شخصية او بسبب الاموال المطلوب التنفيذ عليها) فان الحكم المراد الحصول عليه من الاشكال هو عدم جواز التنفيذ وهو ليس حكما وقتيا .ولذلك فانه لا يتوقف عليه ما يصير عليه الحال الحكم المطلوب تنفيذه فيستوي ان يكون محلا للطعن او اصبح باتاً.
هذا بالاضافة الى ان غير المحكوم عليه لا يجوز له قانون الطعن في الاحكام والمناط في قبول الاشكال من الغير هو تعارضه مع حقوقه .
الا انه يشترط في الحكم المستشكل في تنفيذه من غير المحكوم عليه بسبب الاموال المطلوب التنفيذ عليها ان يكون من الاحكام المالية وقد قضت محكمة النقض المصرية ان المقصود بالاحكام المالية تلك المصادرة بالغرامة او ما يجب رده او التعويضات والمصاريف مما يراد تحصيله عن طريق التنفيذ على اموال المحكوم عليه وهو التنفيذ الذي ينتهي الى بيع الاموال المنفذ عليها للحصول منها على قيمة الاحكام المالية المنفذ بها(2.) وبناء علىهذا المبدأ لا يعتبر من الاحكام المالية الحكم بالازالة او بالغلق .
الشرط الثالث: اسباب النزاع في التنفيذ
اولاً: اذا كان الاشكال مرفوعا من المحكوم عليه لا يقبل الاشكال الا في الحالتين الآتيتين:
أ)اذا كان النزاع في التنفيذ منصبا على عدم صلاحية السند للتنفيذ او لسبب لاحق على الحكم مثال ذلك تنفيذ حكم غيابي رغم المعارضة فيه وكان الحكم المستشكل في تنفيذه مشمولا بايقاف التنفيذ او كان المحكوم عليه قد اصيب بالجنون بعد صدور الحكم عليه ويعتبر الحكم غير صالح كسند للتنفيذ اذا صدر قرار رئاسي بالعفو عن العقوبة او صدر قانون بالعفو عن الجريمة وكذلك ايضا يعتبر الحكم غير صالح للتنفيذ اذا شابه غموض حول مقدار العقوبة المحكوم بها .
ولا يجوزمطلقا ان يطعن المستشكل على الحكم من جهة صحته او بطلانه او ان يبحث مدى مخالفته للقانون او ان يجادل في مضمون الحكم المستشكل في تنفيذه او ان يعيد تقييم وقائع الدعوى بناء على واقعة جديدة ذلك ان اصلاح كل هذه الاخطاء المدعى بها وسيلته هو الطعن في الحكم لا الاشكال في تنفيذه فالاشكال في التنفيذ نص على التنفيذ لا على مضمون الحكم هذا ما لم تتوافر الحالة الثانية لقبول الاشكالات الآتي بيانها .
ب)اذا كان ايقاف التنفيذ تمليه حالة الضرورة ويستند الايقاف في هذه الحالة على نظرية الضرورة وهي نظرية عامة تطل على القانون كله ولاتحتاج الى نص خاص ويكون ذلك عندما يترتب على التنفيذ الحاق ضرر جسيم لا يمكن تداركه .
(ثانيا) أما اذا كان الاشكال مرفوعا من غير المحكوم عليه فينحصر سببه في احد امرين :
( الاول) النزاع في شخصيته (المادة 423 اجراءات) (الثاني) الاعتراض على تنفيذ الاحكام المالية بشأن الاموال التي تعود من وراء عدم تنفيذ الحكم يؤيد هذا النظر ان قضاء الحكم المطلوب لتنفيذ عليها (المادة 424اجراءات) وقد قضت محكمة النقض المصرية بان للمستشكل اذا لم يكن طرفاً في الحكم المستشكل فيه ان يبنى اشكاله على اسباب سابقة على صدور الحكم لأنه لا يجوز لهذا الغير ان يطعن فيها بأي طريق (21) ويشترط لقبول الاشكال موضوعيا ان يكون الاستمرار في التنفيذ متعارضا مع حقوق الغير الذي يعارض في التنفيذ وبناء على ذلك فلا يجوز للمؤجر ان يستشكل في تنفيذ عقوبة الغلق الواردة على العين المؤجرة طالما ان حيازة العين المؤجرة للمستأجر لا للمؤجر وطالما ان عقد الايجار لا زال ساريا ولم يقدم المستشكل ما يفيد انه قد انقضى (22) .
المطلب الثاني:
اجراءات نظر الاشكال والفصل فيه
سنبحث المسائل الاتية :
1-رفع دعوى اشكال
2-المحكمة المختصة
3-حالات اشكالات التنفيذ العقابي.
4-الحكم في الاشكال
1-رفع دعوى الاشكال
2-المحكمة المختصة
1-المحكمة الجنائية 2- المحكمة المدنية
1-المحكمة الجنائية
تختص المحكمة التي اصدرت الحكم بنظر دعوى الاستشكال سنداً لاحكام المادة 42. اجراءات.
2-المحكمة المدنية:
تختص المحكمة المدنية بنظر الاشكال اذا كان مرفوعا من غير المحكوم عليه في حالة تنفيذ حكم مالي اذا قام النزاع بشأن الاموال المطلوب التنفيذ عليها.
ويثور البحث عن مدى اختصاص المحكمة المدنية بالاشكال في تنفيذ الحكم الصادر في الدعوى المدنية التبعية وذهب رأي ان اشكالات التنفيذ الخاصة بالحكم الصادر في الدعوى المدنية ليست من توابع الدعوى الجنائية وان الفكرة التشريعية في ضم الدعوى المدنية للدعوى العمومية في قضاء واحد توجب ان تخضع الدعوى المدنية لجميع القواعد والاجراءات التي تحكم سير الدعوى امام المحكمة الجنائية وصدور الحكم فيها وطرق الطعن ومواعيده ، الا ان هذه الوحدة تنتهي عند هذا الحد فاذا صدر الحكم في الدعوى المدنية من المحكمة الجنائية فانه يقرر حقا مدنيا يخضع لاحكام القانون المدني من حيث سقوطه او بقائه ومن حيث تنفيذه على مال المدعي وما الى ذلك .وبذلك لا يستلزم مجرد صدور الحكم في الدعوى المدنية من المحكمة الجنائية ان تختص هذه المحكمة بالفصل في كل ما يعترض تنفيذه من صعوبات(23) ويجد هذا الرأي سندا تشريعيا له في المادة 424 اجراءات اذ نصت على ان الاحكام الصادرة في الدعوى المدنية يكون تنفيذها بناء على طلب المدعي بالحقوق المدنية وفقا لما هو مقرر بقانون اصول المحاكمات المدنيه فطالما كان قانون المحاكمات المدنية هو الذي يحكم اجراءات التنفيذ في هذه الحالة وجب رفع الاشكال في التنفيذ امام المحكمة المدنية طبقا للقواعد المقررة في قانون المرافعات .
3-حالات اشكالات التنفيذ العقابي:
هناك حالات منصوص عليها قانوناً كما في حالة الشك حول شخصية المحكوم عليه، وحالات اخرى يمكن ان تثور مثل:
1- سقوط الجريمة او العقوبة بعد الحكم البات .
2- تنفيذ العقوبات المتعددة حينما يعترض المحكوم عليه على التنفيذ.
3- تحول العقوبات المالية الى عقوبات سالبة للحرية حينما يعترض المحكوم عليه على قرار النيابة العامة في هذا الشأن.
4- سقوط العقوبات التبعية.
5- الاعتراف بالحكم الاجنبي.
6- ارجاء التنفيذ .
ولكن لكي يقوم الإشكال لا يلزم ان يكون القانون قد نص عليه صراحة . يكفي لتوافر هذه المكنة ان تتوافر ضرورة تفسير المنطوق او ان تكون هناك ضرورة للاعتراض على القرار التنفيذي الصادر من سلطة التنفيذ ويجوز ان يتمثل الإشكال في مسألة دستورية قاعدة معينة حينما يكون التعارض مع النص الدستوري يستند الى حدث لاحق على صيرورة الحكم باتاً ولكن لا يجوز إثارة الإشكال الخاص بالدستورية إذا كان يتعلق بقواعد اجرائية طبقت اثناء الدعوى او اذا كانت عدم الدستورية قد قررت قبل صيرورة الحكم باتاً (24).
4-اثر رفع الاشكال والحكم فيه:
سوف نتناول بالبحث الموضوعات التالية:
1-اثر رفع الاشكال 2- الحكم في الاشكال 3- الحكم الصادر في الاشكال في الطعن.
1-اثر رفع الاشكال :
ان قانون الاجراءات الجنائية لم يرتب على رفع الاشكال اي اثر بالنسبة الى التنفيذ ولكنه اجاز ان تأمر بوقف التنفيذ حتى تفصل في النزاع (المادة 4.6 اجراءات) كما اجاز للنيابة العامة عند الاقتضاء وقبل تقديم الاشكال الى المحكمة ان توقف تنفيذ الحكم مؤقتا (المادة 422 اجراءات) .
وسلطة المحكمة في وقف التنفيذ المؤقت قبل الحكم في الاشكال متروكة لتقديرها على ضوء مدى خطورة النتائج المترتبة على التنفيذ الخاطىء ولها في سبيل ذلك ان تتحسس موضوع النزاع حتى تبين مدى ترجيح قول الاشكال من الناحية الموضوعية اما النيابة العامة فسلطتها في وقف التنفيذ وتنتهي هذه السلطة بمجرد تقديمها الاشكال الى المحكمة.
2-الحكم في الاشكال :
على المحكمة ان تتحقق اولا من مدى توافر شروط قبول الاشكال فاذا لم تتوافر قضت بعدم قبول الاشكال اما اذا توافرت شروطه فان المحكمة تفصل في موضوع الاشكال لكي تتحقق من مدى القوة التنفيذية للحكم المراد تنفيذه ونطاقها ولها في سبيل ذلك ان تقضي اما بوقف التنفيذ او بعدم جوازه او برفض الاشكال حسب الاحوال اما وقف التنفيذ فيحكم به اذا كان سبب الاشكال عارضا يمكن زواله مثل اصابة المحكوم عليه بالجنون بعد الحكم عليه فهنا تقضي المحكمة بوقف التنفيذ حتى يشفى من مرضه ويحكم بعدم جواز التنفيذ اذا كان سبب الاشكال يمس بسلامة التنفيذ في جميع الاحوال كما اذا كان الحكم منعدما او اريد التنفيذ على غير المحكوم عليه.
ويجوز للمحكمة ان تأمر بايقاف جزء من العقوبة كما اذا رأت المحكمة ان منطوق الحكم قد شابه غموض حول تحديد مدة العقوبة وان القدر المتيقن هو مدة معينة تنفذ عليه دون غيرها .
ولا يجوز للمحكمة ان تقضي بوقف التنفيذ بناء على احتمال الغاء الحكم المستشكل في تنفيذه لان ذلك ينطوي على مساس بالموضوع .وكل ما لها هو ان توقف التنفيذ مؤقتا عند نظر الاشكال في او جلسة حتى تفصل في موضوع الاشكال .
وتقضي المحكمة برفض الاشكال اذا تبينت عدم صحة الاسباب التي تبنى عليها.
3-الطعن في الحكم الصادر في الاشكال :
لم ينص قانون الاجراءات على الاشكالية صراحة على ذلك ولكن الامر يخضع للقواعد العامة وعليه :
يخضع الحكم الصادر في الاشكال لجميع طرق الطعن في الاحكام الجنائية وهي المعارضة في الحكم الغيابي والاستئناف والنقض.
وقد قضت محكمة النقض المصرية بأنه اذا كان الحكم الصادر ضد الطاعن قد صار من قبل الاشكال نهائياً اي باتا بعدم التقرير فيه بالطعن بطريق النقض فلا يجوز الطعن بالنقض في الحكم الصادر في الاشكال(25) ويجوز للنيابة العامة ان تستأنف او تطعن بالنقض في الحكم الصادر في الاشكال على حسب الاحوال ووفقا لنوع المحكمة التي اصدرت الحكم (26) .
المبحث الخامس :
اسباب سقوط العقوبة وزوال اثارها
تمهيد :
تنقسم اسباب انقضاء العقوبة الى اسباب طبيعية واسباب عارضة .والاسباب الطبيعية للانقضاء تتمثل في التنفيذ فالقاعدة ان العقوبة تنقضي بتنفيذها . اما الاسباب العارضة فيقصد بها الاحوال التي يسقط فيها حق الدولة في اقتضاء العقوبة قبل تمام تنفيذها .وتتمثل تلك الاسباب في التقادم ووفاة المحكوم عليه والعفو . غير ان انقضاء العقوبة لا يترتب عليه زوال الاثار الجنائية للحكم بها سوى الاثر الخاص بالالتزام بالتنفيذ ومعنى ذلك ان اسباب السقوط السابقة هي اسباب انقضاء الالتزام بتنفيذ العقوبة ويظل بعد ذلك الحكم منتجا لجميع اثاره الجنائية الاخرى ولا تزول تلك الاثار الجنائية الا برد الاعتبار وقد عبر المشرع عن الاسباب العارضة باسباب سقوط العقوبة وهو اصطلاح ادق من اسباب الانقضاء والتي لا تنصرف الا الى الاسباب الطبيعية للانقضاء والمتمثلة في التنفيذ الكامل للعقوبة(27).
اولاً : سقوط العقوبة بالتقادم
تمهيد :
اخذ المشرع الفلسطيني بمبدأ سقوط العقوبة بمضي المدة متبعاً في ذلك ما جرت عليه التشريعات الجنائية المختلفة (المادة 425/1 اجراءات ) واساس المبدأ ان مضي مدة معينة على صدور الحكم بالعقوبة دون تنفيذها ودون حدوث ما يقطع او يوقف تلك المدة يجعل تنفيذها بعد ذلك عديم الجدوى طالما ان العقوبة ، وفقاً للفكر الجنائي الحديث تهدف الى التأهيل الاجتماعي وتهذيب المحكوم عليه ولذلك جعل المشرع من ارتكاب جريمة مماثلة خلال فترة التقادم من الاجراءات القاطعة له وكذلك فأن مرور المدة التي ينص عليها المشرع يفترض ان الحكم قد طواه النسيان وقد لا يكون في اثارته من جديد اية مصلحة تعود على المجتمع وذات الاعتبارات هي التي حدت بالمشرع الى اعتبار مضي المدة سبباً مسقطاً للدعوى الجنائية الناشئة عن الجريمة غير ان المدة التي تسقط بها الدعوى الجنائية تختلف عن تلك التي تسقط بها العقوبة باعتبار ان تلك الاخيرة تفترض صدور حكم واجب النفاذ وبالتالي جعل المشرع مدة سقوط العقوبة اطول من المدة المقررة لسقوط الدعوى الجنائية بالتقادم (28) .
العقوبات الخاضعة للتقادم:
القاعدة ان جميع العقوبات الجنائية تخضع للتقادم باعتبار ان اجراءات تنفيذها لم تتخذ خلال مدة معينة ويستوي في ذلك العقوبات الاصلية والتكميلية والتبعية ومع ذلك هناك عقوبات لا تخضع للتقادم نظراً لأنها تنفذ بقوة القانون بالنطق بالحكم بها ولا تحتاج الى اية اجراءات تنفيذية وهذه هي العقوبات التبعية التي تحرم المحكوم عليه من بعض الحقوق وكذلك عقوبة المصادرة والتي تعتبر منفذة بالحكم بها وهو ما نص عليه المشرع الفلسطيني في المادة 425/2 اجراءات .
مدد سقوط العقوبة بالتقادم :
والمشرع جعل مناط المدة هو نوع العقوبة باعتبار انها هي موضوع السقوط وليست الجريمة حددت المادة 427 اجراءات مدد سقوط العقوبة ، مدة التقادم في عقوبة الاعدام ثلاثون عاماً ومدة التقادم في عقوبة السجن المؤبد عشرون عاماً ومدة التقادم في اية عقوبة جزائية اخرى ضعف مدة العقوبة المحكوم بها على الا تتجاوز خمس عشرة سنة ولا تقل عن عشرسنين
مدة سقوط عقوبة الغرامة :
حيث ان الغرامة هي عقوبة حتى وان جاز تحويلها الى حبس ولذلك فانه ينطبق عليها ما ينطبق على العقوبات من تقادم كأصل عام وعليه وطبقاً لنص المادة 427 /3 اجراءات يصبح مدة سقوط عقوبة الغرامة هي عشر سنوات .
مدة سقوط التدابير الاحترازية:
لقد نص المشرع الفلسطيني بأن التدابير الاحترازية تسقط بالتقادم والوفاة طبقاً لنص المادة 425 بل افرد لها مادة خاصة في المادة 43. حيث نص على ان مدة تقادم التدابير الاحترازية والتي تواجه الخطورة الاجرامية للمحكوم عليه هي ثلاث سنوات تبدأ حينما يصبح التدبير الاحترازي نافذاً او بعد تقادم العقوبة التي تلازم هذا التدبير الاحترازي مع العلم بانه اي تدبير اصلا يقصد به علاج المحكوم عليه اغفل تنفيذه مدة سنة كاملة تقوم النيابة العامة بطلب تنفيذه يقدم الى المحكمة مصدرة التدبير استناداً الى نص المادة 431 اجراءات .
مبدأ سريان المدة:
تبدأ المدة من وقت صيرورة الحكم نهائياً ويقصد بالحكم النهائي هنا البات الذي استنفذ طرق الطعن العادية والطعن بالنقض ذلك ان الدعوى الجنائية تنتهي بالحكم البات ومن غير المتصور ان تبدأ مدة تقادم العقوبة والدعوى الجنائية مازالت لم تنقض بعد بصدور حكم بات فيها ويترتب على ذلك ان شمول الحكم بالنفاذ او صيرورته واجب النفاذ بعد الحكم في الاستئناف لا يعتد بتاريخه في بدء سريان المدة المادة 429 اجراءات مع ملاحظة ان المشرع جعل من التهرب من التنفيذ جزاء هو سقوط نصف مدة العقوبة التي نفذت من المحكوم عليه المادة 429/2.
ونظراً لان الحكم الغيابي الصادر من المحكمة ليس حكماً نهائياً ويبطل بمجرد القبض على المتهم او حضوره وتعاد الاجراءات من جديد فمعنى ذلك ان الدعوى الجنائية لم تنقض وبالتالي فإن مدة التقادم ستكون هي مدة تقادم الدعوى وهي اقل من مدة تقادم العقوبة ونظراً لان هذا الوضع يجعل المتهم الحاضر في مركز اسوأ من المتهم الغائب فقد نص المشرع على استثناء الحكم الغيابي الصادر في جناية من المحكمة من مدد تقادم الدعوى ومطبقاً عليه تقادم العقوبة ونص على بداية المدة من يوم صدور الحكم بالرغم من كونه حكماً غير نهائي فقد نصت المادة 428/1 اجراءات على ان "يجري التقادم من تاريخ الحكم اذا صدر غيابياً ومن يوم تهرب المحكوم عليه من التنفيذ اذا كان حضورياً ".
انقطاع تقادم العقوبة :
ويقصد بانقطاع التقادم عدم احتساب المدة التي انقضت قبل اتخاذ اجراء من الاجراءات القاطعة للتقادم ويبدأ حساب مدته من تاريخ هذا الاجراء اما وقف التقادم فيختلف عن الانقطاع في انه لا تحتسب المدة التي يقع خلالها سبب من اسباب الوقف مع احتساب المدة السابقة عليه استكمالا للمدة اللاحقة وقد اخذ المشرع الفلسطيني بانقطاع تقادم العقوبة وايضاً بوقفه على حين انه لم يأخذ في تقادم الدعوى الجنائية الا بنظام الانقطاع دون الوقف ونص على سببين للانقطاع :
الاول: وقد نصت عليه المادة 432 اجراءات فنصت على ان تنقطع مدة التقادم بالقبض على المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية وذلك اجراء من اجراءات التنفيذ التي تتخذ في مواجهته او تصل الى علمه .
والثاني:وخلاف اجراءات التنفيذ التي توافرت بها الشروط السابقة نص المشرع على سبب للانقطاع راجع الى سلوك المحكوم عليه وهو اذا ارتكب خلال مدة التقادم جريمة من نوع الجريمة المحكوم عليه من اجلها او مماثلة لها او اشد منها.
ولا يلزم ان تكون الجريمة المرتكبة خلال مدة التقادم قد صدر فيها حكم بالادانة قبل انتهاء المدة فالتقادم ينقطع بارتكابها ولو صدر حكم الادانة بعد ذلك اما اذا صدر الحكم فيها بالبراءة فنظراً لأن حكم البراءة كاشف وليس منشئاً فلا يتوفر به السبب القاطع للتقادم اذا يعتبر المحكوم عليه لم يرتكب جريمة خلال مدة التقادم .
وقف تقادم العقوبة:
اما وقف التقادم فقد نصت عليه المادة 432 اجراءات "حيث يوقف سريان المدة كل مانع يحول دون مباشرة التنفيذ سواء كان قانونياً او مادياً "ومعنى ذلك ان المدة التي يتوافر فيها اي مانع يحول دون اتخاذ اجراءات التنفيذ تسقط من حساب مدة التقادم ويقصد بالمانع القانوني الاحوال التي يكون فيها المحكوم عليه في وضع قانوني يحول دون امكان تنفيذ العقوبة ومثال ذلك حالات ارجاء التنفيذ سواء الوجوبية او الجوازية وايضا وجود المحكوم عليه في السجن لقضاء عقوبة اخرى اشد وصدور الحكم مشمولاً بايقاف التنفيذ طوال الفترة السابقة على الغاء الوقف اما الموانع المادية فيقصد بها الظروف المادية التي لا تستطيع معها السلطات اتخاذ اجراءات التنفيذ كما لو كان المحكوم عليه في منطقة وقعت في ايدي الاعداء او كان قد وقع هو في الاسر ووجود المحكوم عليه في خارج اقليم الدولة يكفي لاعتباره عائقاً مادياً يوقف سريان المدة .
نقد:
واننا ننتقد موقف المشرع الفلسطيني وذلك لخلطه بين تقادم الدعوى الجنائية وتقادم العقوبة وذلك واضحاً بجلاء من نص المادة 432/1 والتي جاء فيها "تحسب مدة التقادم اعتباراً من اليوم التالي ليوم ارتكاب الجريمة" حيث انه طبقاً للاصل ان يبدأ تقادم العقوبة منذ صدور الحكم البات علاوة على ذلك فاننا ننتقد موقف المشرع الفلسطيني وذلك حينما ذكر في نص المادة 432/3/ب حيث نص على ان العقوبة تنقطع باجراءات التحقيق او المحاكمة الصادرة من السلطة المختصة وعليه فانه واضح انه حينما يصبح الحكم باتاً الصادر بالعقوبة فكيف تنقطع باجراءات المحاكمة او التحقيق حيث خلط المشرع للمرة الثانية بين انقطاع العقوبة وتقادم الدعوى الجنائية مما تدعو معه الى تعديل تشريعي في تلك النقاط.
آثار التقادم :
يترتب على انقضاء مدة التقادم سقوط العقوبة المحكوم بها غير ان سقوط العقوبة يقتصر فقط على التنفيذ اما الاثار الجنائية الاخرى التي تترتب على الحكم بها تظل قائمة ومنتجة لاثارها فيعتد بالحكم كسابقة في العود ويظل سبباً للحرمان من الحقوق والمزايا المترتبة على الحكم بالادانة ولا تزول تلك الاثار جميعها الا برد الاعتبار.
اما بالنسبة للتعويضات وما يجب رده والمصاريف المحكوم بها فتتبع في شأنها الاحكام المقررة لمضي المدة في القانون المدني ولا يجوز للمحكوم عليه غيابيا بعد سقوط عقوبته بالتقادم ان يطالب باعادة محاكمته المادة 434 اجراءات
ثانياً :
وفاة المحكوم عليها
لمبدأ واستثناءاته :
تسقط العقوبة بوفاة المحكوم عليه ( المادة 425/3 اجراءات ).وذلك تطبيقاً لمبدأ شخصية العقوبة حيث لا يلتزم بتنفيذها سوى من ارتكب الجريمة وحكم عليه من اجلها ووفاة المحكوم عليه تسقط جميع العقوبات المحكوم بها عليه سواء اكانت اصلية ام تبعية ام تكميلية طالما لم تنفذ بعد اما ما تم تنفيذه منها فينقضي بالتنفيذ فوفاة المحكوم عليه بعد الحكم بالمصادرة لا يؤثر على العقوبة باعتبار انها تنفذ بصدور الحكم بها اما العقوبات التي تتطلب اتخاذ اجراءات تنفيذية فهي تسقط بالوفاة طالما لم يتم التنفيذ والا تحمل التنفيذ غير المحكوم عليه وهو ما يخالف مبدأ شخصية العقوبة .وكان مؤدى المبدأ السابق ان الغرامة والعقوبات المالية تسقط بدورها بوفاة المحكوم عليه طالما لم تنفذ وهو على قيد الحياة .غير ان المشرع الفلسطيني اخذ بوجهة النظر التي ترى ان العقوبات المالية بما فيها الغرامة تتحول بالحكم بها الى دين تتحمله ذمة المحكوم عليه (29) وتنفذ بالتالي في تركته ويشترط لذلك صيرورة الحكم بها باتاً وقد نصت على ذلك صراحة المادة 426 اجراءات حيث ورد بها انه" وفاة المحكوم عليه لا تمنع من تنفيذ العقوبات المالية والتعويضات وما يجب رده والمصاريف في تركته" وغني عن البيان ان تعبير الحكم النهائي هنا انما يقصد به الحكم البات الذي تنقضي به الدعوى الجنائية اذا ان الوفاة قبل الحكم البات تنقضي بها الدعوى الجنائية وليس العقوبة.
التوصيات
بعد هذه الدراسة التحليلية لموضوع التنفيذ العقابي طبقاً للقوانين الاجرائية النافذة فإننا نخلص الى عدة نتائج نجملها فيمايلي :
1-الغاء نظام الاكراه البدني لما يترتب عليه من العودة مرة اخرى الى الحبس قصير المدة بما يحمله من مساوىء حتى وان برر البعض ان الاكراه البدني في الحبس تنفيذاً لعقوبة الغرامة هو نوع من الاكراه لحمل المحكوم عليه لدفع عقوبة الغرامة فهو يفقد قصد المشرع من تفاديه لعقوبة الحبس قصيرة المدة علاوةً على ذلك فإننا نستطيع ان ندخل في القانون الاجرائي الفلسطيني عدة انظمة بديلة عن الاكراه البدني يتمثل في امكانية ادخال نظام تقسيط مبلغ الغرامة حتى يستطيع المحكوم عليه دفعها اونظام ايام الغرامة وهي جديرة بالبحث والدراسة .
2-اما عن دور النيابة العامة في التنفيذ العقابي حيث يتضح بجلاء ان الجهة الموكول بها التنفيذ طبقاً لقانون الاجراءات هو ان النيابة العامة وحيث اختلف الفقه في تحديد المركز القانوني للنيابة العامة هل هي سلطة تنفيذية ام قضائية ام وسطية بمعنى انها تنفيذية وقضائية او انها هيئة مستقلة من هيئات الدولة وان كنا نحن نميل الى اعتبار ان النيابة العامة في فلسطين هي هيئة قضائية منوط بها سلطتي التحقيق والاتهام كماهو واضح في قانون السلطة القضائية الفلسطيني لعام 2002 (30)وبرغم الطبيعة القضائية للنيابة العامة فانها لا تستطيع توقيع العقاب حيث ان توقيع العقاب هي من اختصاص سلطة الحكم وحيث ان القاضي هو الاقدر على تفريد العقوبة وتحقيق غايتها في اصلاح المجتمع مما يحقق تفريد العقوبة بالمعنى القانوني والفني فاننا ننادي وبشدة بادخال قاضي التنفيذ بما يحمله من منازعات تنفيذية في نظامنا القضائي بما يحقق غايات السياسات العقابية المعاصرة ولنا في تجربة المغرب نموذجاً يحتذى به حتى لا يحتج البعض بان تكاليف هذا النظام يرهق ميزانية مرفق العدالة او انه غريب على مجتمعنا العربي.
المبدأ واستثناءاته :
تسقط العقوبة بوفاة المحكوم عليه ( المادة 425/3 اجراءات ).وذلك تطبيقاً لمبدأ شخصية العقوبة حيث لا يلتزم بتنفيذها سوى من ارتكب الجريمة وحكم عليه من اجلها ووفاة المحكوم عليه تسقط جميع العقوبات المحكوم بها عليه سواء اكانت اصلية ام تبعية ام تكميلية طالما لم تنفذ بعد اما ما تم تنفيذه منها فينقضي بالتنفيذ فوفاة المحكوم عليه بعد الحكم بالمصادرة لا يؤثر على العقوبة باعتبار انها تنفذ بصدور الحكم بها اما العقوبات التي تتطلب اتخاذ اجراءات تنفيذية فهي تسقط بالوفاة طالما لم يتم التنفيذ والا تحمل التنفيذ غير المحكوم عليه وهو ما يخالف مبدأ شخصية العقوبة .وكان مؤدى المبدأ السابق ان الغرامة والعقوبات المالية تسقط بدورها بوفاة المحكوم عليه طالما لم تنفذ وهو على قيد الحياة .غير ان المشرع الفلسطيني اخذ بوجهة النظر التي ترى ان العقوبات المالية بما فيها الغرامة تتحول بالحكم بها الى دين تتحمله ذمة المحكوم عليه (29) وتنفذ بالتالي في تركته ويشترط لذلك صيرورة الحكم بها باتاً وقد نصت على ذلك صراحة المادة 426 اجراءات حيث ورد بها انه" وفاة المحكوم عليه لا تمنع من تنفيذ العقوبات المالية والتعويضات وما يجب رده والمصاريف في تركته" وغني عن البيان ان تعبير الحكم النهائي هنا انما يقصد به الحكم البات الذي تنقضي به الدعوى الجنائية اذا ان الوفاة قبل الحكم البات تنقضي بها الدعوى الجنائية وليس العقوبة.الاشكال المرفوع عليه من المحكوم عليه ، الاشكال المرفوع من غير المحكوم عليه .
الاشكال المرفوع من المحكوم عليه :
ترفع دعوى الاشكال بطلب يقدمه المحكوم عليه الى النيابة العامة بوصفها السلطة المشرفة على تنفيذ الاحكام الجنائية لرفعه الى المحكمة وعلى النيابة العامة تقديم هذا الطلب الى المحكمة على وجه السرعة مع اعلان ذوي الشأن بالجلسة التي تحدد لنظره (المادة 421 اجراءات).
ولم يشترط القانون اي اشكال لهذا الطلب ولا تعتبر الدعوى المرفوعة امام المحكمة الا بتقديم الطلب بواسطة النيابة العامة الى المحكمة وان اعلان ذوي الشأن بالجلسة التي تحدد لنظره فهو محض اجراء يتعين مراعاته ضمانا لحقوق الدفاع ولا يجوز للمسشكل ان يدفع اشكاله مباشرة الى المحكمة والا قضى بعدم قبوله .
ولا يجوز للنيابة العامة ان تحفظ طلب الاشكال ولو كان للمرة الثانية فالأمر مرجعه للمحكمة في جميع الاحوال.
الاشكال المرفوع من غير المحكوم عليه :
1-اذا حصل نزاع في شخصية المحكوم عليه يتم رفع الاشكال بالطريقة السابقة (المادة423 اجراءات) .
2-عند تنفيذ الاحكام المالية على اموال المحكوم عليه اذا قام نزاع من غير المحكوم عليه بشأن الاموال المطلوب التنفيذ عليها يرفع للمحكمة المدنية طبقا لما هو مقرر في قانون المرافعات (المادة 424 اجراءات).