د. احمد براك - استاذ القانون الجنائي ورئيس هيئة مكافحة الفساد

يسعدني أن أرحب بكم في موقعي الشخصي، آملاً من الله تعالى أن يكون هذا الموقع مصدراً من مصادر الحصول على المعلومات القانونية من تشريعات فلسطينية وعربية، ورسائل ماجستير ودكتوراه، إضافة للمقالات العلمية في مختلف فروع القانون. وليكون أيضاً وسيلة للتواصل ما بيني وبين الباحثين والقانونيين، والذين أعدهم شركاء حقيقيين في عملية تعزيز الثقافة القانونية.

القتل بدافع الشفقة والمسئولية الجزائية للطبيب في ضوء آفاق الطب الحديث

الدكتور: أحمد براك
النائب العام المساعد‎

 

القتل  بدافع الشفقة أو الموت الرحيم  أوتاناسيا، كلها مترادفات بمعنى واحد هو :  تخليص المريض من آلامه المبرحة  التى لا يرجى لها شفاء , أو لتخليصه من  تشوهات خلقية ولد بها سواء كان  الفاعل طبيب أو أحد أقارب المريض , وإن كان  الغالب ارتكابها من الأطباء  سواء بحقن المريض بمادة قاتلة أو رفع أجهزة  الإنعاش الاصطناعية أو امتناعه  عن تركيبها.
والملاحظ أن هذا الموضوع  الشائك ما يهدأ الاسرعان ما يثور و يطفو إلى السطح  , فتفرض نفسها على بساط  البحث في كافة الساحات القانونية والأخلاقية  والدينية والطبية  والاجتماعية , والسؤال المركزي هل يباح هذا القتل بسبب  هذا الباعث؟ من هنا  اثار القتل بدافع الشفقة أو الموت الرحيم جدلا كبيرا ,  وانقسمت الآراء  بين مؤيد ومعارض فمنهم من رفض رفضا تاما مناقشة المسألة حتى  لو كان المريض  على فراش الموت ينازع ويحتضر , مما شجع البعض الأخر على  اتخاذ مثل هذا  القرار لكونه حسب رأيه الحل الأنسب لوقف عذاب والأم المريض  وبالأخص الأم  ذويه . ان تلك المسألة ليست جديدة , إذ أن الشعوب والقبائل  البدائية كانت  تمارسه , فكانت مثلا تقتل الكسيح لأنه يعيق القبيلة في  تنقلاتها لو تدفن  اصحاب الأمراض المعدية أحياء لأسباب وقائية .
وباستعراض واقع الحال في  البلدان المختلفة سواء اجتماعية أو تشريعيا  أوقضائيا, نجد مدى تعقد هذه  المسألة وارتباطها بفلسفات المجتمعات المختلفة. 
ففي بريطانيا تجدد  الجدل حديثا بشأن القتل بدافع الشفقة بعد بث الفيلم  الوثائقي الذي يروي  قصة انتحار الاستاذ الجامعي الأميركي تريغ ايورت في  عيادة متخصصة في  سويسرا ليتخلص من آلامه المبرحة نتيجة مرض بالخلية العصبية  الحركية , وهذا  وتحظر بريطانيا القتل بدافع الشفقة , وفي حالة ادانت أي  شخص بذلك فانه قد  يواجه عقوبة السجن لمدة 14 عاما , وقد أعاق مجلس اللوردات  البريطاني  مشروع قانون للقتل بدافع الشفقة أو الموت الرحيم , بينما نجد  اتجاه آخر في  القضاء البريطاني , حيث قضت محكمة  chester ببراءة الوالد من  تعمده قتله  لابنته التي كانت تعاني من ألام مبرحة نتيجة لأصابتها بمرض ميؤس  من شفائه،  وقد برر إقدامه على فعله هذا بأنه لم يستطع تحمل رؤية ابنته  تعاني الآلام  المبرحة في الوقت الذي ينعدم فيه أي أمل في الشفاء، وقد بررت  المحكمة  تبرئتها للأب المتهم بأن الباعث الوحيد على قتلها هو وضع حد للعذاب  التي  كانت تقاسيه .
بينما تشتهر سويسرا بسياحة الموت فمنذ عام 1998 تمكن  أكثر من 1700 أجنبي من  الانتحار بالحصول على الموت الرحيم , بل هناك  المئات من سجلوا أسمائهم على  لائحة العيادات السويسرية ممن يرغبون بأنهاء  حياتهم هناك , ومن أشهر  العيادات عيادة تدعى " ريجنيتاس " , حيث يجيز  القانون السويسري ذلك بشرط  إلا يكون الهدف من وراء ذلك الربح المادي , بل  تنشط جمعيات للدفاع عن الموت  الرحيم بداعي الحفاظ على كرامة الإنسان مثل  جمعية " كرامة " , فسويسرا  تفتح أبوابها للراغبين في الموت الرحيم .
ومما هو جدير ذكره بأنه هناك العديد من القضايا التي تنظرها المحاكم في   الدول الأوربية تطالب باستعمال القتل بدافع الشفقة أو الموت الرحيم , فنجد   في ايطاليا على سبيل المثال , وبعد أعوام من الجدل , وفي أغسطس 2008  وبقرار  من محكمة استئناف في مدينة ميلانو سمحت لأحد الآباء بوقف العلاج عن  ابنته  التي هي طريحة الفراش في غيبوبة تامة منذ عام 1999 , بينما في قضية  أخرى  يرفض قاضي ايطالي طلبا تقدم به رجل يدعى بيير جيورجيو ويلبي 60 عام ,  يعاني  من مرض لا شفاء منه , حيث يلازم فراشه طوال الوقت وتتم تغذيته  بواسطة  الأنابيب ويتحدث من خلال كمبيوتر يقرأ حركات عينيه , بأن يسمح له  بوضع حد  لحياته من خلال فصل أجهزة الإنعاش الطبي، وقد أثارت تلك القضية  نقاشا حادا  في ايطاليا وهي دولة ذات غالبية كاثوليكية تعتبر الموت الرحيم  مسألة محظورة  .
وفي الجانب الآخر نجد إن العالم الشهير نوبل قدم في  القرن التاسع عشر  ثلاثين مليون ليرة لايطاليا في مقابل بناء مؤسسات للموت  الرحيم بالنسبة  لأولئك الذين يعانون من الأم مبرحة وقد اقترح ان يتم إعطاء  وجبات فاخرة  لهؤلاء المرض يتم بعدها إدخال النوم عليهم بروائح جذابة تحت  سمع موسيقى  هادئة .
أما في فرنسا فقد اثارت قضية انتحار ربة بيت "  شانتال سيبير " في عام 2008 ,  بعد أن قدمت طلبا للقضاء لقتلها قتلا رحيما  بسبب إصابتها بورم سرطاني شوه  وجهها , وقد رفض الطلب , فأنقسم الرأي العام  الفرنسي بين مؤيد ومعارض وقد  علقت وزيرة العدل الفرنسية رشيدة داتي  بالقول : تريد هذه السيدة من العدالة  أن ترفع المسئولية الجزائية عن  طبيبها , لكننا أسسنا تشريعاتنا على مبدأ  الحق في الحياة , وهو مبدأ ذاته  الذي يحكم الشرعة الأوربية لحقوق الإنسان .  بينما نجد أن ذات القضاء  الفرنسي وفي قضايا أخرى يحكم ببراءة من ساعد على  استعمال القتل بدافع  الشفقة أو الموت الرحيم , ففي عام 1966 برأت محكمة  Miteille Goutand  حيث  قتلت هذه السيدة طفلها بمادة  Gardinal لأنه كان  مصابا بفقدان التوازن  والصمم والبكم والعمى , وقد سألها رئيس المحكمة لو  وجدت نفسك مرة أخرى في  هذا الموقف فهل كنت تقدمي على نفس العمل ؟ فأجابت  على الفور بأنها إذا  وجدت في مثل هذا الموقف مرة أخرى كانت ستقدم على نفس  الفعل , وإزاء هذه  الإجابة برأتها المحكمة .
وفي عام 1925 برأت محكمة استئناف باريس فتاة  من تهمة قتلها لخطيبها الذي  كان يعاني الأم مبرحة نتيجة مرضه الذي كان لا  يرجى شفاؤه , وبررت المحكمة  حكمها بقولها " لا جناح على من يقتل نفسا  بقصد تخليصها من عذاب داء عضال لا  يرجى للمرء منه شفاء , وذلك بناء على أن  نية القتل النفس غير موجودة , حيث  حلت محلها النية بوضع حد لآلام طال  عليها الأمد ولا أمل في الشفاء منها ".  ولكن وفي عام 2005 أجرى تعديلا على  القانون الفرنسي , بجعله اكثر توازنا  واكثر تسامحا في مواجهة المرضى  الذين يطلبون الموت بحجة اليأس من الشفاء  وعدم القدرة على الاستمرار في  تحمل الألم، وهو ما يسمى بالموت الرحيم غير  المباشر، بحيث يمكن للطبيب  المعالج ايقاف التغذية الصناعية مثلا , لكنه لا  يمكنه إعطاء المريض حقنة  مميتة، وأصبحت الصورة غير المباشرة للموت الرحيم  مباحة بشرط رغبة المريض  في رفض العلاج .
وفي الولايات المتحدة الأمريكية لا يزال القتل بدافع  الشفقة الفعال غير  مسموح به قانونيا، بل يعاقب فاعله بمسئولية القتل  العمد، وعلى العكس من ذلك  نجد أن ولاية أوريجون سمحت بالقتل بدافع الشفقة  المباشر منذ عام 1997، بأن  يعطى المريض الميئوس من شفائه حقنة قاتلة بناء  على طلبه، كما تجيز تشريعات  كلا من ولاية كاليفورينا وولاية السكا وتكساس  حق المريض في رفض العلاج  وإنهاء حياته، وفي عام 2005 أخذ الكونجرس قرارا  بشأن حق الحياة لكل مريض لا  يزال يتنفس مهما تكن استشارات الأطباء، بينما  يستدل على إقرار بعض احكام  القضاء لهذا القتل بدافع الشفقة بحكم للمحكمة  العليا في نيوجيرس التي حكمت  لصالح والد فتاة تدعى كارين التي تعيش على  أجهزة الانعاش لفترة طويلة برفع  تلك الأجهزة واستعمال الموت الرحيم بعد  رفض الطبيب ذلك وعللت المحكمة حكمها  بأن لا أمل من شفائها وتخليصها من  الامها ، وأن الواجب الذي يقع على عاتق  الدولة لصيانة حياة الناس، يجب ان  ينحى في هذه الحالة الشاذة أمام حقوق  الافراد الخاصة، وبالتالي فانه لا  يجوز إرغام كارين على أن تتحمل ما لا  يمكن تحمله، لمجرد أن تظل في حياة  اصطناعية بضعة اشهر اخرى، دون أن يكون  لها أقل أمل واقعي في ان تعود الى  حياتها . وفي الوضع الحالي، فانه يعود  لولد كارين الشرعي أن يمارس باسمها  هذة الحقوق .
وفي المانيا ثار الجدل حول قضية القتل بدافع الشفقة أو  الموت الرحيم في عام  2008 وذلك جراء اعتراف روجركوش وزير العدل السابق  بولايته هامبورج بأنه  ساعد امرأة 79 سنة على انهاء حياتها بالرغم من انها  لم تكن مصابة بمرض خطي،  بالرغم من أن الوضع القانوني هناك يجرم المساعدة  المباشرة في الاقدام على  الموت، كأن يحقن الطبيب المريض بحقنة تحتوي على  سم قاتل، أما المساعدة غير  المباشرة فلا تقع تحت طائلة القانون، بمعنى  الإحجام عن القيام بإجراءات قد  تطيل الحياة كإجراء عملية معقدة في سن  متأخرة، او اعطاء عقاقير طبية تخفف  الآلام، لكنها تسبب اثأرا جانبية قد  تسبب الوفأة كالمورفين مثلا .
وفي الدنمارك يسمح قانون ممارسة المهنة  الطبية للأطباء بعدم السعي للمحافظة  على حياة مريض ميئوس من شفائه وغير  قادر على التعبير عن إرادته , وبالتالي  يحق للطبيب ان يمتنع عن معالجة أي  مريض يرى أنه لا أمل في شفائه، وحتى لو  لم يبدي المريض رغبته بعدم  الاستمرار في العلاج، وذلك بالرغم من أن قانون  العقوبات الدنمركي يعاقب  بموجب المادة 239 على المساعدة على الإنتحار .
اما بالنسبة لهولندا  فتعد أول دولة تشرع القتل بدافع الشفقة أو الموت  الرحيم وذلك في عام 2002،  وذلك بعد نقاش دام 25 عام في المجتمع الهولندي  حول إمكانية السماح بالموت  الرحيم، حيث نص القانون على اتباع إجراءات  محددة، حين إبداء المريض رغبة  واضحة , وان تكون معاناته كبيرة ولا شفاء  منها , كما يتعين على الطبيب أن  يطلب رأي زميل آخر له , وتشير الإحصائيات  بارتفاع عدد حالات القتل بدافع  الشفقة في هولندا خلال عام 2008 بنسبة 10%  مقارنة بالعام السابق له , وان  2500 حالة قد ابلغت عنها، وفي خطوة جديدة  وفي شهر 3/2010 أعلنت بعض  الجمعيات الهولندية عن حق كبار السن في طلب  الإنتحار لمجرد اليأس من  الحياة وليس المرض، ومناقشة ذلك برلمانياً.
وعلى نهج هولندا مضت بلجيكا  ولكنها وضعت اعتبار جديد يتمثل في السن  القانوني، هذا وقد سبق القضاء  البلجيكي التشريع في إقراره لاستعمال الموت  الرحيم، ففي عام 1961 عرضت على  القضاء البلجيكي حالة تتلخص وقائعها في أم  رزقت بطفلة مصابة بتشوه فظيع  عند ولادتها نتيجة مما كانت تتعاطاه الام من  أدوية مهدئة للأعصاب , أثناء  الحمل , فقام الطبيب البلجيكي casters  , بناء  عن توسلات الأم والحاحها،  بقتل الطفلة بالسم، وصدر الحكم ببراءة الطبيب  استنادا إلى قرار المحلفين  الذي جاء بالإجماع أنه غير مذنب، رغم أن الأسباب  التي بني عليه هذا الحكم  لم تكن متسقة مع أحكام القانون البلجيكي الذي  يعاقب على القتل أيا كان  الباعث عليه في ذلك الوقت .
ونفس الحالة في المكسيك ففي نوفمبر 2008،  أقر مجلس الشيوخ تعديلات في قانون  يتيح للمرضى الذين يعانون من أمراض لا  شفاء منها، ويتوقع إلا تطول أعمارهم  لأكثر من ستة أشهر توقيع وثيقة أمام  شهود لوقف العلاج حتى يستطيعوا الموت  باختيارهم .
ومن الجدير ذكره  أنه في استراليا تم التصويت على قانون القتل بدافع الشفقة  للمرة الاولى في  يوليو 1996، ولكن تم الغائه في عام 1998 بعد الاعتراض  الشديد الذي قادته  الكنيسة والسكان الأصليون هناك .
وفي كوريا الجنوبية وفي سابقة هي  الأولى من نوعها صدر بتاريخ 29112008  قرار قضائي يجيز القتل بدافع الشفقة  أو الموت الرحيم لامرأة من عائلة كيم  75 عام، بوقف انبوب التغذية والتنفس  من قبل الأطباء لكون مرضها ميئوس منه . 
وهذا وقد اجاز قانون العقوبات  السوفيتي الصادر عام 1922 القتل الطبي (  الموت الرحيم )، وتطبيقاً لهذا  القانون فقد تم قتل مائة وسبعة عشر طفلا  كانوا قد أصيبوا بتسمم نتيجة  تناول طعام فاسد، وقد أبيح قتلهم على الفور قد  لا تطيل حياتهم وقتاً  يقاسون فيه اشد انواع العذاب طال هذا الوقت أو قصر . 
اما في البلاد  العربية والإسلامية يعتبر القتل بدافع الشفقة محظور من  الناحية القانونية  والشرعية،وان كانت بعض البلدان العربية مثل لبنان وسوريا  تعتبره في هذه  الحالة ظروفاً مخفضاً للعقوبة،  فوفقا للمادة 552 عقوبات  لبناني " يعاقب  بالاعتقال عشر سنوات على الأكثر من قتل إنسانا قصدا بعامل  الإشفاق بناء  على الحاحه في الطلب "، وهو عين المادة 538 عقوبات سوري.  ويبدو أن  المشرعان البناني والسوري قد اعتنقوا من باعث الشفقة في هذه الحال  لتخفيف العقاب على القتل من بعض التشريعات العقابية الأوربية مثال ذلك   المادة 207 عقوبات الماني، المادة 57 عقوبات ايطالي .
ومن الأهمية  بمكان الاشارة للتفرقة بين القتل بدافع الشفقة والموت  الاكلنيكي، فعندما  يقوم الطبيب بعمل فعال لموت المريض مثل اعطاء المريض  جرعة عالية من بعض  العقاقير المسببة للموت، نتيجة الحاح المريض وطلبه، فهنا  يسمى بالقتل  بدافع الشفقة. اما عندما يتدخل الطبيب برفع أجهزة الإنعاش عن  المريض الذي  اجمع الاطباء على انه لن يعود للحياة مرة اخرى بسبب موت جذع  الدماغ، وهنا  يسمى بالموت الاكلنيكي، فالفرق بينهما كبير، وهذا وقد عرف  مؤتمر جنيف  الدولي المنعقد عام 1979 الموت بتوقف جذع المخ عن العمل بغض  النظر عن نبض  القلب بالأجهزة الصناعية، وهذا بالطبع عمل مشروع، ويتفق مع  مقررات مجمع  الفقه الإسلامي الثالث التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد  في عمان  بالأردن عام 1987 حول أجهزة الإنعاش والموت الاكلنيكي، وقد نصت  الفتوى  الصادرة من المجلس الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورته  العاشرة  في 2421408 هجرية على أن : " المريض الذي ركبت على جسمه أجهزة  الإنعاش  يجوز رفعها إذا تعطلت جميع وظائف دماغه نهائيا وقررت لجنة من ثلاث  أطباء  اختصاصين خبراء أن التعطل لا رجعة فيه، وإن كان القلب والتنفس لا  يزلان  يعملان أليا , بفعل الأجهزة المركبة , لكن لا يحكم بموته شرعا الا  اذا  توقف التنفس والقلب، توقفا تاما بعد رفع هذه الأجهزة ". ويؤكد ذلك ايضا   الشيخ جاد الحق على جاد الحق في كتابه " بيان للناس " أنه:" أما بالنسبة   للموت الاكلنيكي فانه يمنع تعذيب المريض المحتضر باستعمال أية ادوات أو   أدوية متى يتبين للطبيب ان هذا كله لاجدوى منه، وعلى هذا فلا اثم اذا  أوقفت  الاجهزة التي تساعد على التنفس وعلى النبض متى تبين للمختص القائم  بالعلاج  ان حالة المحتضر ذاهبة به الى الموت". والحق أنه في تلك الحالة  ليست هناك  جريمة في حالة إيقاف أجهزة الإنعاش، لكون المريض قد فقد الحياة  الإنسانية  الطبيعية بموت خلايا مخه، والجريمة تفترض وجود حياة إنسانية  طبيعية .
وبعد استعراض موقف الأنظمة القانونية في البلدان المختلفة،  والوقوف على  موقف القضاء فيها، قد يتضح أن مسألة القتل بدافع الشفقة أو  الموت الرحيم،  هي مسألة اختلاف شديد حتى في داخل النظام القانوني الواحد،  بين مؤيد لها  ومعارض، وأن كانت بعض التشريعات الأوربية المعارضة لاستعمال  الموت الرحيم،  وقد فتحت الطريق باستعمال الموت الرحيم غير المباشر أو غير  فعال، عن طريق  ما يدعى بأحقية المريض برفض العلاج، وبرفع أجهزة التنفس  الاصطناعية أو عدم  تركيبها من البداية، دون استخدام وسائل فعالة بتدخل  الطبيب المباشر عن طريق  حقنه قاتلة على سبيل المثال .
وعليه يلزم  التصدي لمبررات الفريقين المؤيدة والمعارضة لمسألة القتل بدافع  الشفقة أو  الموت الرحيم، وما يترتب عليها من اثار وأهمها المسئولية  الجزائية للطبيب.
بخصوص أنصار الفريق المؤيد لاستعمال القتل بدافع الشفقة أو الموت الرحيم   يستندون إلى عدة حجج إتباعا، الحجة الأولى : حق المريض في رفض العلاج سواء   كان ذلك قد عبر عنه قبل دخوله في هذه الحالة المرضية الخطرة، أو عن طريق   ممثله القانوني، ويعني رفض المريض للعلاج هنا رفضه لتركيب أو استمرار  تركيب  أجهزة الإنعاش الصناعي ،وهو الأساس في عدم مسائلة الطبيب جزائياً،  وقد  أقرت بعض التشريعات  ذلك كتشريعات الولايات المتحدة الأمريكية  والتشريع  الكندي ... الخ , والحجة الثانية: تتمثل في حق الطبيب في  الامتناع عن تركيب  أجهزة الإنعاش أو رفعها عن المريض الميئوس من شفائه،  استنادا إلى عدة  اعتبارات أولها: الى أن مهمة الطبيب ليست العلاج وتخفيف  الآلام فقط، وانها  المساعدة في نفس الوقت على حصول المريض على موت هادىء  متى كان الشفاء ميئوس  منه، وكانت الآلام التي يعانيها المريض مبرحة، لان  القول بغير ذلك من شأنه  أن يجعل عمل الطبيب ليس الا إطالة لآلام المريض  البدنية والنفسية دون  مبرر. اما الإعتبار الثاني : انتقاء صبغة القتل عن  فعل القتل بدافع الشفقة،  لكون القتل يتم بحسنة نية تحت تأثير عاطفة مشروعة  كالإشفاق أو المساعدة أو  الحب، ولا يتم بسوء نية تحت تأثير عاطفة غير  مشروعة كالانتقام أو الحسد  ... الخ أما الإعتبار الثالث : فيتمثل في ترجيح  مصلحة المرضى المتوقع  شفاؤهم على المرضى الميئوس من شفائهم، فيضيع الجهد  والوقت عبثا، وكذلك يمكن  الاستفادة من أعضاء هؤلاء الميئوس من شفائهم  وزرعها لدى هؤلاء الذين في  أمس الحاجة إليها . أما الإعتبار الرابع : رفض  المريض للعلاج أو رضاه بذلك  يبيح فعل الطبيب، وذلك استناداً الى القاعدة  الرومانية التي تقرر عدم قبول  الادعاء بحصول الضرر من شخص رضي بحصوله .  أما الإعتبار الخامس : أن الحرية  الشخصية تسوغ للشخص التخلص من حياته .  أما الإعتبار السادس : أن حالة  المريض الميئوس من شفائه ومعاناته القاسية  من الأم المرض المبرحة تمثل مانع  من المسئولية الجزئية للطبيب، لكون أرادة  الطبيب ليست حرة في اتخاذ قراره  نتيجة لضغوط التي يتعرض لها من قبل أسرة  المريض، بل والمريض ذاته الميئوس  من شفائه وآلامه المبرحة .
وقد وجدت  هذه الحجج انصار وصدى وتأثير لدى الفلاسفة وبعض الأطباء ورجال  القانون  والدين، فنجد الفيلسوف افلاطون ينادي في كتابه الجمهورية بترك غير   الأسوياء بدنيا او نفسيا يموتون، وحديثا طالب الفيلسوف توماس مور في القرن   السادس عشر بأن " على القس والقضاء أن يحثوا التعساء على الموت "، وكذلك   نادى الفيلسوف فرانسيس بيكون في القرن السابع عشر بإباحة القتل بدافع   الشفقة، وكان أول من استعمل مصطلح اوتاناسيا leuthanasie   وهي كلمة   يونانية تعني الموت الكريم , وكذلك ديما بقوله : "أنه لا معنى لان يرفض   المريض غير قابل للشفاء او رجل في طريقه للموت ان نجيبه الى رغبته في  تسهيل  وفاته، طالما ان ذلك تخليصا له من الآلام التي يعانيها، فانه لا شي  اكثر  اتصافا بالسخف من ان تفرض على المريض عذابا لا جدوى فيه، كما انه لا  شي  اكثر مشروعية من تخليصه من هذا الألم" . ونجد من خلال المؤتمرات   والاستبيانات في الدول الأوربية تأييد لاستعمال القتل بدافع الشفقة , فقد   اوصى المجلس الطبي الأوربي عام 1976 بأن : " الحياة يجب الا تكون الهدف   الاوحد للممارسة الطبية , وإنما يجب ان تتجه الى تخفيف المعاناة . " ,   وكذلك تقرير الأكاديمية السويسرية للعلوم الطبية عام 1976 , والمجلس الطبي   الدولي في فنسيا عام 1983 قد أيدوا أستعمال القتل بدافع الشفقة , وهو عين   ما قرره المجلس الطبي الدولي في مدريد عام 1987 حيث ذكر : " ان كان القتل   بدافع الشفقة يتعارض مع الأخلاق إلا أن ذلك لا يمنع الطبيب من احترام  إرادة  المريض في ان يتركه ليموت موتا طبيعيا في المرحلة الأخيرة لمرضه . "  وقد  أيد استعمال القتل بدافع الشفقة العديد من الأطباء وكان أكثرهم  تعبيرا عن  ذلك الدكتور أوكس بقوله : " إننا لا نتردد في الحكم بالموت على  جواد يتعذب  ويكون في حالة غير قابلة للشفاء , ونحن عندما نقتل هذا الجواد  فاننا نقتله  بدافع الشفقة , ولا يصح أن نكون اقل شفقة على الإنسان من  الحيوان . "
وقد أيد بعض رجال القانون استعمال القتل بدافع الشفقة  أمثال البروفيسور  الفرنسي الشهير/ جان برادل , وكذلك البروفسور افري  والبروفسور/ جون لويس دى  دانيل بقوله: " ان من حق الإنسان وضع حد لحياته  خاصة عندما يجعل الألم  الحياة اكثر صعوبة وخالية من كل متعة"، ومن رجال  القانون العرب المؤيدن  لهذا كلا من الدكتور/ سامي الديب والدكتور/ أحمد  ضيف حيث ذكر أنه : " اذا  نظر الانسان الى هذا الموضوع من غير ارتباط بقيود  التقاليد والشرائع  واحكامها أرى ان الاعتداد بهذا الرأي يتفق مع الرحمة  بالانسان، ويظهر لي  انه يجب أن يباح اذا استعص على الطبيب تخفيف الموت".
أما الموقف الديني، فنجد ان الشريعة الإسلامية حظرت استعمال القتل بدافع   الشفقة، وكذلك الديانتان المسيحية واليهودية تحرمان القتل بحسب الوصية   الخامسة من الوصايا العشر " لا تقتل"، ولكن هناك من رجال الدين المسيحي من   ايد هذا القتل بدافع الشفقة، حيث أوضح البابا جان بول الثاني وجهة نظره   بقوله: " أنه واذ كان يجب الاخذ بأساليب التقدم العلمي الا أنه ازاء حالة   شخص ميئوس منها وصارت وفاته وشيكة الوقوع على الرغم من جميع أساليب  الإنعاش  الصناعي المستخدمة لتأخير هذا الحدث، فيكون من حق المسئول عن هذا  الشخص  وبوحي ضميره أن يرفض جميع أساليب العلاج التي ليست لها غاية سوى  الحفاظ على  حياة عضوية مؤقتة في جسد المريض " . وهو نفس ما ذهب اليه كبير  أساقفة كنتر  برى بقوله : " لايعقل أن يعاقب طبيب في هذه الحالة , بل انه  لا يجوز توجيه  التهمة اليه . "
اما انصار الفريق المعارض – والذي  أؤيده – من عدم أحقية استعمال القتل  بدافع الشفقة أو الموت الرحيم , فقد  استندوا الى عدة حجج بالاضافة الى نفي  حجج الفريق الاخر، وفي خصوص الحجة  الاولى: حق المريض في رفض العلاج , فهم  يرون أنه يساله هذا الحق اطلاقا،  استنادا الى القواعد العامة للقانون  الجزائي التي لا تعتد برضا المريض  عليه كمبرر للسلوك الجرمي، واساس ذلك أن  عصمة النفس لا تباح، ومن ثم لا  يملك الشخص حق التصرف في جسده، واقدامه على  ذلك يعد مخالفا للنظام العام  لما في تنازله هذا من اهدار لحق المجتمع عليه،  فمن الثابت أن حق الفرد في  الحياة وفي سلامة جسده ليس مطلقا وانما يرد  عليه أيضا حق للمجتمع، ومن ثم  فانه لا يملك التصرف في حقه في الحياة  بمفرده، هذا بالاضافة الى أن ارادته  معيبه نتيجة مرضه، والخوف من اساءة   الطبيب لهذا الحق خاصة مع التقدم  الطبي في مجال الانتفاع بالاعضاء البشرية  لدى المرضى الاحياء , واستدل على  بطلان رضا المريض او من يمثله في هذا  الصدد بقوله تعالى : " ولا تقتلوا  انفسكم ان الله كان بكم رحيما ومن يفعل  ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه  نارا". الايتان 29 و 30 من سورة النساء، هذا  بالاضافة الى أن عقوبة  المنتحر هي التخليد في النار بعذاب من نفس نوع اداة  الانتحار لحديث أبي  هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :  من تردى من جبل  فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيه خالدا مخلدا فيها  أبدا، ومن تحسى سما  فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا  فيها أبدا، ومن  قتل نفسه بحديده فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار  جهنم خالدا مخلدا  فيها أبدا "، وكذلك فقد توعد الله تعالى في كتابه الكريم  من قتل نفسا  مؤمنة : " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب  الله عليه  ولعنه وأعد له عذابا عظيما . " الاية 93 من سورة النساء، كما  يستدل على  ذلك بما ورد في الانجيل من ان الاله وحده هو واهب الحياة، وهو  الذي يستطيع  استردادها، وأن الانسان لا يملك نفسه، لانه في الاصل مملوك لله  والله هو  المتصرف .
أما الحجة الثانية : في احقية الطبيب في الامتناع عن تركيب  اجهزة الانعاش  أو رفعها عن المريض، فيذهب انصار هذا الفريق الى مسئولية  الطبيب جزائياً في  تلك الحالة، وأقرت غالبية التشريعات المقارنة، والعديد  من علماء الدين  والقانون والطب ذلك، ولو كان ذلك ليأس الطبيب من شفاء  المريض واشفاقا عليه  من الالام المبرحة التي يعانيها من مرضه هذا . وقد  نفى اصحاب الرأي  الإعتبارات التي استندوا اليها الاتجاه المؤيد للقتل  بدافع الشفقة وذلك من  عده جهات من جهة أولى: أن مهمة الطبيب علاج المريض  وليس مجرد تخفيف الامه،  فالطبيب ملزم ببذل عناية لعلاج المريض، وليس  بتحقيق الغاية، ولا يمكن القول  بأن مهمة الطبيب يمكن ان تتحول الى انهاء  حياة المريض مهما كانت مبررات  ذلك ، كما انه ليس من الاخلاق أن نسوى بين  اليد التي تعالج واليد التي  تقتل، وهذا القول سبق أن أكد عليه طبيب  نابليون "Des Genette  " عندما طلب  منه نابليون قتل المرضى من جنوده في  عكا، فقد رفض ذلك قائلا " ان واجبي هو  المحافظة على الحياة وليس انهاءها "  .
ومن جهة ثانية : عدم الاعتداء بالباعث على الجريمة، فالقانون  الجنائي لا  يعتد بالبواعث بصفة أصلية في مجال التجريم، وكل ما لها من تأثير لا يتعدى  التأثير على درجة العقاب،  والسؤال هل الطبيب أكثر اشفاقا على المريض من  خالقه عز وجل؟ أليس في قدرة  الله عز وجل انهاء الام المريض واعادة صحته  اليه؟ مما لا شك فيه أن قدرات  الله ليس لها حدود. أليس في مقدار المولى عز  وجل أن يضع نهاية لالامه  بمفارقة المريض للحياة ؟ هل المولى عز وجل في حاجة  الى تدخل الطبيب ليضع  نهاية لالام المريض اشفاقا عليه ؟ أليس المرض   ابتلاء من الله عز وجل  لخلقه ؟ لا شك أن الام المرض قد تكون نافعة للمريض  تقوده الى التوبة والى  الاقتراب من المولى عز وجل، كما ان شعور المريض بقرب  أجله يجعله يعد نفسه  للدار الاخرة بالطاعات والتقرب الى الله عز وجل، وهذا  مما لا شك فيه مصلحة  للمريض، فضلا عن أن الله سبحانه وتعالى وعد عباده  الصابرين ازاء ابتلاء  لهم بالمغفرة وبالفوز بالجنة في الاخرة، وربما ساعة  ألم شديدة تكون اكثر  نفعا للمريض في الاخرة من عبادات كثيرة .
ومن جهة ثالثة : اليأس من  رحمة الله كفر، في البداية ليكن معلوما ان  المذاهب الاسلامية الاربعة (  الحنفية – المالكية – الشافعية – الحنابلة )  أجمعت على مسائلة من يقتل اخر  ولو باذنه، فرضا المجني عليه لا يبيح القتل،  وأساس ذلك أن عصمة النفس لا  تباح الا بما نص عليه الشارع، والاذن بالقتل  ليس منها. الا أنهم اختلفوا  فيها بينهم حول العقاب المقرر توقيعه على  الجاني. وعليه فقد نهانا الاسلام  عن اليأس من رحمة الله،  فالمولى عز وجل  رحمان رحيم واليأس من رحمة الله  كفر لقوله تعالى: " ولا تيئسوا من روح الله  انه لا ييئس من روح الله الا  القوم الكافرين " اية 87 من سورة يوسف .  والسؤال اليس هناك احتمال لخطأ من  الطبيب في تشخيص حالة المريض، بل اكثر من  ذلك احتمال الخطأ في اعتبار هذا  المريض ميئوس من شفائه. وان الله عز وجل  لم يخلق داء الا وخلق له دواء  كما أخبرنا بذلك الرسول ( ص ) : " يا عباد  الله تداووا , فان الله لم يضع  داء الا وضع له دواء " . اليس ما هو ميئوس  منه اليوم قد يكتشف له العلاج  الشافي بتوفيق من الله، فكل يوم يكتشف العلم  الجديد لعلاج الحالات التي  كانت تعرف بالحالات المستعصية، فلماذا يتدخل  الطبيب ويضع نهاية عاجلة  لحياة مريضه ؟ هل المريض حضر الى الطبيب لشفائه أم  لانهاء حياته ؟ وفي ذلك  قال البابا شنودة بابا الأقباط: " ... اما اذا كان  هناك مرض أو الام فهذا  تعبير عن حب الله للعبد، فليس له ان يتخلص من حياته  بالانتحار أو بقتل  نفسه بمساعدة الاخرين ... " ، هذا ويخاف من ذلك انعدام  الثقة بين المريض  والطبيب، وبخاصة أمام التقدم في مجال زراعة الاعضاء، اذ  يخشى ان يتسرع  الطبيب في انهاء حياة المريض تذرعا بالاشفاق عليه ليأسه من  شفائه، وما ذلك  الا للاستفادة بالاعضاء البشرية من هذا المريض لزراعها لدى  مرضى أخرين،  وتحقيق أرباح طائلة من جراء ذلك.
ومن جهة رابعة : عدم جواز تفضيل مريض  على اخر في استعمال ( اجهزة الانعاش  )، لكون الناس سواية في الحقوق  والواجبات، وان الضرر لا يزال بمثله، ولا  يجوز التضحية بحياة انسان من اجل  انقاذ حياة اخر.
وأخيراً، نأتي لنوعية الجريمة التي يسأل عنها الطبيب  في حالة القتل بدافع  الشفقة، بالطبع في حالة النص في التشريعات المقارنة  التي تبيح الموت  الرحيم، لا يسأل جزائيا الطبيب لكونه عملا مباحا قانونيا.  ولكن هناك بعض  التشريعات المقارنة جرمت القتل بدافع الشفقة مع اعتباره  جريمة قتل مخفضة  وذلك لنبل الباعث الذي دفع الطبيب الى جريمته، ومثال ذلك  كما رأينا التشريع  السوري المادة 249 عقوبات، والتشريع اللبناني المادة  552 عقوبات حيث يعاقب  الطبيب فقط بالاعتقال عشرة سنوات على الاكثر، وكذلك  تشريع النرويجي المادة  235/2 عقوبات، والتشريع السويدي المادة 235 عقوبات،  والتشريع الايطالي  المادة 579 عقوبات. أما في حالة سكوت المشرع العقابي  عن النص وفي نفس الوقت  لا تبيح ذلك التشريعات، وبأجماع فقهاء القانون  الجنائي يسأل الطبيب عن  جريمة القتل قصدا سواء تم ذلك برفع أجهزة الانعاش  عن المريض، أو الامتناع  عن تركيبها، أو بحقنه بمادة قاتلة، وأن كنت اميل  مع الرأي القائل بضرورة  مسائلة الطبيب عن جريمة قتل مخفضة بمادة وذلك لنبل  الباعث، وهو ما أيده  العديد من أساتذة القانون، استاذنا الدكتور/ محمود  طه، واستاذنا الدكتور/  محمود نجيب حسنى، واستاذنا الدكتور/ أحمد شوقى ابو  خطوة، ويمثل هذا الرأي،  فريق من الشافعية وسحنون والمالكية وقول ابو يوسف  وحمد ورأى في الحنابلة،  ومن فقهاء المعاصرين الشيخ/ محمد أبو زهرة .
وخلاصة العقد: ان القتل بدافع الشفقة أو الموت الرحيم سيظل قضية مجتمعية   تتأرجح بين التأييد والمعارضة، ومصدر جدل وخلاف تشريعي وقضائي وطبي يصعب   حسمه دوليا في الاجل القريب، وذلك لغلبه النزعة المادية على النزعة   الدينية، وان كنت اعارض القتل بدافع الشفقة لتعارضه مع حق الحياة المقدس،   والقوانين، والاديان، وأصول مهنة الطب، وقيم وعادت المجتمعات، ولا يصح ان   تتحول يد الطبيب التي تداوي الى اليد التي تقتل، والخشية من إساءة  استعماله  في عمليات زرع الاعضاء البشرية غير المشروعة.